صيحة
صيحة
يصيحُ ترابُ الأرضِ والذلُّ شاهدُ
مِنَ المهدِ والمسرى تمكّنَ حاقدُ
أتعلو لإسرائيلَ في القدسِ رايةٌ
فأين النشامى الصِّيدُ أين الأماجدُ
أخاطبُ فيكمْ شيمةَ البأسِ والفِدا
فمِنّا عليٌّ والمثنّى وخالدُ
أجاب لسانُ الحالِ قال بغُصّةٍ
جلَتْها مآسٍ في لظاها يكابدُ
تآمر كلٌّ لا أبرِّئُ حاكمًا
وكلٌّ لفرطِ الوهْنِ لِلهُودِ ساجِدُ
ولكنْ تداعَوا دون حِلمٍ ورأفةٍ
على قمعِنا والكلُّ في القمعِ رائدُ
يعزُّ علينا اليومَ نصرٌ وسؤددٌ
ونهجُ ولاةِ الأمرِ للحقِّ طاردُ
وكيف ينادي للجهادِ لقدسِنا
صنائعُ أعداءٍ، مَوالٍ جوامدُ
محالٌ عليهم أن يثوروا فهم دُمى
وأرسانُهم ذلًّا لها الخصمُ قائدُ
سلامٌ وبردٌ مستدامٌ على العِدا
ونارٌ علينا بل وحوشٌ أوابدُ
فراعينُ لا تحصى بوائقُ شرِّها
وفي قتلِنا هم للعدوِّ عدائدُ
تزامنتِ الأعراشُ حين تشكّلتْ
وميلادَ إسرائيلَ، تكفي الشواهدُ
فتاريخُ تأسيسِ الحظائرِ واحدٌ
وسائسُها لا ريْبَ في القولِ واحدُ
ولكنّما التاريخُ بالحقِّ نابضٌ
ويأبى علينا الذلَّ والحقُّ حاشدُ
فبئس ذوو القُربى تُعاضدُ جائرًا
وبغيًا ذوي الأرحامِ ليست تعاضدُ
وأقسمتُ لا يُرجى من القومِ ودُّهم
ولو رمْتَ قُربًا فرط كبرٍ تباعدوا
إذا ما توخّاهُم قريبٌ لنجدةٍ
تولّوْا، ومُدَّتْ للبعيدِ الموائدُ
فكيف نلومُ اليومَ للحقِّ غاصبًا
وحكّامُنا للغاصبينَ سواعدُ
وأكثرُ ما يُبكي ويُضحكُ قادةٌ
نياشينُ طَمّتْ صدرَها وقلائدُ
صناديدُ فُجرٍ لا تهيجُ سوى إذا
دعتها إلى لهوِ الليالي النّواهدُ
وأكثرُ ما خاضوه حربًا فضِدُّنا
مناجلُهم كالقمحِ فينا حواصدُ
أقولُ ويدميني قبيحُ هوانِكم
أما فيكمُ شهمٌ رشيدٌ وراشدُ؟!!
بأيِّ ضميرٍ يا ذَوِينا حكمتُمُ
أفي قهرِ أهليكم تُطاعُ الأباعدُ؟!!
تصدّونَ عنّا أيَّ غوثٍ ومَوْرِدٍ
أشَحّتْ لديكم يا شِحاحُ المواردُ؟!
وأموالُكم نهبَ العلوجِ على المَلا
وكم ذاكَ منها في البنوكِ كواسدُ
لنَا اللهُ يكفينا مؤونةَ شُحِّكُم
ولسنا سوى اللهِ الجليلِ نناشدُ
تبارك جلّ اللهُ كافٍ عبادَهُ
مؤونةَ دنياهم جوادٌ وواجدُ
ستَلقَوْنَ كلٌّ لا مناصَ قِصاصَهُ
عدُوٌّ وظَهرٌ للعدوِّ مُسانِدُ
وأخرسُ لم ينبِس بحرفِ إدانةٍ
أما الصمتُ قتّالٌ متى القتلُ سائدُ؟!!
وتُلْقَوْنَ حيثُ المزبَلاتُ قُمامةً
بقِسطاسِ عدلٍ لم تَشُبْهُ مواجدُ
وتُعطَوْنَ في نتْنِ المزابلِ مقطَنًا
فَتُنصَفُ دعوى أصَّلَتْها القواعدُ
ومن ذا يُزَكّى أو يُغادَرُ منكُمُ
ومن ذا بريءٌ حينما الكلُّ فاسدُ؟!!
أترضَوْنَ تشويهًا يَمَسُّ أصولَنا
فما رفَّ جَفنٌ إذْ تُهانُ العقائدُ
تُعِيدُونَ أصنامًا إلى خيرِ بقعةٍ
ضلَلْتُم وزاغتْ في المَرامِيْ المقاصدُ
إذا كان ما ألقاهُ منكم تشفّيًا
فما كان ذنبيْ كي تفورَ الحقائدُ
أنا القِبلةُ الأولى شقيقةُ مكّةٍ
أنا سورة الإسراءِ يا مَن تُعاندُ
زُرِعتُ قبورًا والحِمامُ رثى لها
مِنَ الفاءِ حتى النونِ كلّي مراقدُ
ألا تستحقُّ القدسُ منكم تحيةً؟!!
ألا تستحقُّ القدسُ فيها يُجاهَدُ؟!!
أسائلُ أمجادَ العروبةِ حائرًا
ألا خبّري أين الخيولُ التلائِدُ؟!!
فما من دليلٍ في الطوارفِ شافعٍ
ولا خيلَ في الميدانِ إلا المكائدُ؟!!
ولا حرفَ أبقى للقرونِ صحائفًا
عليها تخطّ البيِّناتِ الجرائدُ..!!
وكيف يروقُ الأمسُ حين نخالُهُ اخْـ
-تِلاقَ شموخٍ زخرفتهُ الزّوائدُ؟!!
دهَا غزّةَ العزِّ ابْتلاءٌ كما الفَنا
وحالُ أهاليها فقيدٌ وفاقدُ
تموتُ ولا ترضى السّلامَ مهانةً
وها هيَ بالأظفارِ عزًّا تُجالدُ
تَعامَدَ موتٌ فوق مَوْتٍ بأرضِها
ولم تشكُ ويْلًا عاتيًا يتزايدُ
وصاحت دعوني أجعلِ الموتَ مولدًا
قضى اللهُ أنّي والردى نتعامدُ
ومن قال أفنى حين موتي قيامةٌ
تفيضُ غراسًا طابَ فيها التّوالُدُ
وموتُ عدوِّي لا قيامةَ بعدَهُ
سوى في جحيمٍ باللظى تتوالدُ
لعمري غزاني كلُّ وحشٍ وآبدٍ
ومن كل جحرٍ داهمتني الأساودُ
سيخضعُ دوني أيُّ شِرّيرِ مطمَعٍ
وترجفُ من بأسي القلوبُ الجلامدُ
ويا خاطبًا ودّ العدوِّ قتلتَنا
بصمتِك عمّا سامنا مَن تعاهدُ
وما الفرقُ لو قلنا أذًى وأذِيّةٌ
سوى الفرقِ إنْ قلنا جَحودٌ وجاحدُ
تُراهُ ألا يعنيكَ قطُّ الذي جرى
وما همَّ إنْ مِتنا وعيشُكَ باردُ
فثمّة آنٌ لا مفرّ إذا أتى
قضاءٌ بحكمٍ مبرمٍ لك صائدُ
تفكّر ولا تأمنْ فيومُكَ قادمٌ
أتضمنُ مثوًى فيه أمنُكَ راغدُ
عزيزةُ نفسٍ تستفيضُ كرامةً
فوَاللهِ لا توفي الثناءَ الخرائدُ
أغزّةُ بشراكِ انتصارٌ مؤزّرٌ
لكِ الخُلدُ فيما المعتدونَ بوائدُ
تمرُّ بكِ الأرزاءُ من كلِّ جانبٍ
وقلبُكِ خفّاقٌ وعزمُكِ صامدُ
تصيحُ المنايا والردى يقرع الردى
وتعتو البلايا والخطوبُ الشّدائدُ
وما سلِمَتْ فيكِ المشافي فهدِّمَتْ
ولا سلِمَتْ من ذي اللئامِ المعابدُ
كنائسُ هُدّتْ بالقنابلِ جهرةً
وهُدّتْ على مرأى الجميعِ المساجدُ
نساءٌ وأطفالٌ وشيبٌ ورضّعٌ
يسامون تقتيلًا بهِ البطشُ زائدُ
وحكامُنا كرمى الكراسي تغافلوا
وموجُ الرّزايا صاخبٌ يتصاعدُ
وغزّةُ كلمى والفناءُ يحيطُها
وأعرابُ (زيتِ الكازِ) عنها شواردُ
على عهدِكم صمٌّ وبكمٌ تواطُؤًا
وعميٌ تَرى ملْءَ العيونِ تشاهدُ
ولكنْ أبى أنْ يُسْتفزَّ شعورُكم
ومن هولِها تُدمي الصخورَ المشاهدُ
تُدينونَ من قاموا انتصارًا لحقِّهم
أثِمتُمْ أسِنْتُمْ في الفسادِ رَواكِدُ
كأني بربِّ الخلقِ شاء قعودَكم
وليس مدَى الساحاتِ منكم مجاهدُ
رأى الجبنَ فيكم مذهبًا وطويّةً
وهل أنتُمُ إلّا جبانٌ وقاعدُ؟!!
وأوّلُ أشراطِ الجهادِ طهارةٌ
وما حقّ فيكُمْ شرطُها لتجاهدوا
وبَا الخُبثِ يجري كالدّما بعروقِكم
وغِلُّ الطوايا ظهّرتهُ العوائدُ
فحتّامَ حتّامَ التّصَهْيُنُ والغَوى
وكلٌّ جميعًا في الحياةِ طرائدُ؟!!
وذاتَ مماتٍ بعد عزٍّ أذِلّةٌ
وذاتَ حسابٍ للسّعيرِ مواقدُ
فتوبوا كفاكم رِدّةً وتصهيُنًا
ويكفي عنِ الخطِّ السّوِيِّ تباعدُ
ولستُ أوالي أو أعادي دواخلًا
فبالخيرِ والشرِّ النفوسُ أوامدُ
ولستُ أجازي أو أقاضي على هوًى
فما أحدٌ إلّا على النارِ واردُ
وشعبيَ يصلى حرقَ نارينِ من فِرى
سلامًا وبردًا أمستا وهْوَ صامدُ
وإني أراني بين عادٍ ومُدّعٍ
فهذا يعاديني وذاكم يزايدُ
فيا ليت شعريْ لا أمانَ لمُرجفٍ
يدسُّ افتراءاتٍ كمن هو ناقدُ
إذا فاهَ لم ينطقْ بغيرِ ضلالةٍ
يُلَفّقُها عمدًا وللضُّرِّ قاصدُ
فسبحانك اللهمّ لم يُرَ باسمِهم
متى فُضِحوا مَنْ رايةَ الحقِّ عاقدُ
فلسطينُ صبرًا لا عهودَ لخائنٍ
يبيعُ بكرسيٍّ فشعبُكِ ماردُ
وتاريخُه أمثولةُ البذلِ والندى
وديدنُهُ في السّوحِ للبغيِ وائدُ
يُريقُ شغوفًا في هواكِ دمًا جَدًا
بَنُوكِ بَنُو الأقداسِ شُمٌّ أجاودُ
بدورٌ كما الأقمارِ ليلَ تمامِها
مصابيحُ عزٍّ أَيْنَ منها الفراقدُ..!!
مقاحيمُ في الإقدامِ عزَّ نظيرُهم
إذا اشتَدّ إِظلامٌ تَلألأَ ماجدُ
تباركَ مَن أولى الخصوبةَ زرعَنا
تزركِشُهُ وِلدانُنا والولائدُ
نموتُ ونحيا مرةً إثرَ مرةٍ
بيادرَ قمحٍ ، فاشهَدِي يا موالدُ
وحقلُ الأعادي قاحلُ الحرثِ ممحلٌ
وأنتِ وَلودٌ جُنّ منكِ الحواسدُ
صلاتي على خيرِ البرايا وآلِهِ
وللهِ ربِّ العالمينَ المحامدُ
فلسطينُ يا أبهى العرائسِ أبْشري
دنا العرسُ هيّا فلتُمدَّ الوسائدُ
نظَمناكِ شعرًا والقوافي دماؤنا
بها نُظِمَتْ لا بالحروفِ القصائدُ
وما الشعرُ إلّا من دماءٍ مدادُهُ
وليس كما شعرِ الدماءِ فرائدُ
وأغلى غَوالينا فداكِ رخيصةٌ
شَرايِينُنا ما دام عمرٌ روافدُ
فلسطينُ يا أرضًا تفوح قداسةً
وما بَرِحَتْ عشقًا فؤادي تراودُ
غرامُكِ بركانٌ يجيشُ بنبضهِ
ونارٌ من التهيامِ، مَن قال خامدُ؟!!
مليكةَ عمري يستبدُّ بِيَ الجَوى
متى الوصلُ في لُقيا بها نتواجدُ
أبيتُ اللياليْ والدراري نَجِيّتي
ونجمُ السّهى يَغفو وجفنِيَ ساهدُ
فلا ضَيْرَ في سهدٍ لأجل حبيبةٍ
هِيَ الكحلُ للجفنَيْنِ وَهْيَ المَراودُ
ومهما أيا قلبي تقلّبَ بِيْ النّوى
فإنّيْ ولو أفنى فحبُّكِ خالدُ
باسم أحمد قبيطر – إسبانيا
Share this content: