قصيدة (إنّها مريم) للشاعر باسم أحمد قبيطر
إنّها مريم
كانَتِ الطّهرَ سرمدًا أبدِيّا
حين عاذَتْ ممّن تخالُ تقِيّا
ونَأَتْ عنهُ، قال إني رسولٌ
لستُ عبدًا معاذَ ربّي شقِيّا
جئتُ أُهدي إليكِ روحًا أمينًا
سوف يزكو في الطّاهرين عَلِيّا
فاطمأنّتْ وأخْلَدتْ في يقينٍ
أترعَ الدّهرَ بالطّهارةِ رَيّا
بئسَ مَن خاض في العفيفةِ إفكًا
في افتراءٍ طوى النميمةَ طَيَّا
بنتُ عمرانَ ليستِ ابْنةَ سَوْءٍ
شجَرُ الطّهرِ عندَها يتَفيّا
ذاد عنها سبحانهُ وتعالى
وكفاها مؤازرًا ووَلِيّا
وجهُها قِبْلةُ السّناءِ وضِيءٌ
فرطَ طهرٍ يسُحُّ حُسْنًا حَيِيّا
أوَيَخفى متى تقطّر وجدًا
من لدنها وصبَّ صبرًا أبيّا؟!!
رُبّ طرفٍ أباح منها شعاعًا
أخجل النورَ، فامّحى كُلِّيّا
زرعَتْ فِيَّ أمنَ روحٍ وقلبٍ
ينزفُ الحبَّ كاليقينِ نقِيّا
لحظةً لحظةً رويدًا رويدًا
أصبحَ القلبُ بالهدى معنِيّا
إنني أحضنُ اليقينَ شغوفًا
في نقاءٍ يطيرُ منها إليّا
سجَدَتْ في محرابِها لِتُصلّي
وأتاها مُستأنسًا زكريّا
كلّما زارها رأى الرزقَ جمًّا
مستطابًا وقالَ أنّى تهَيّا
فأجابتْ مِنْ عندِ ربي، فما زا-
لَ مِنَ الفضلِ بي إلهي حفِيّا
أمُّها نِعمَتِ الْقرينةُ بِرًّا
تتلالا قداسةً كالثّرَيّا
نذرَتْ حملَها وقالتْ تقبّلْـ
ـهُ إلهي مُحرّرًا مَرضِيّا
وأبوها بالخيرِ دامَ حَريًّا
عاشَ في الخيرِ ساقِيًا مسقِيّا
أخلَصوا في شكرانِهم وتجلّى
ذكرُهم في الكتابِ غضًّا ندِيّا
وإذا ما يتلى عليهم مِنَ الْبِر-
رِ يخِرّونَ سُجّدًا وبُكيّا
إنّها مريمُ البتولُ التي ما
برِحَتْ نجمَ عفّةٍ دُرِّيّا
وضياءً في كلِّ عينٍ، وعطرًا
أزليًّا .. ولم يزل أزليّا
وجَلًا كلّما ذكَرتُكَ عيسى
جاد قلبي ترنيمَهُ المقدسيّا
كيف أنسى وَهل يَجُوزُ ذهولٌ
خابَ من كان في المسيحِ نَسِيّا
إنّهُ في أحشائِها نبضُ روحٍ
كيف تنفي جنينَها الروحيّا
لستُ أنفي وكيف أنكرُ حملًا
سافِرَ الجهرِ ينبضُ الآن فِيّا
ليتني مِتُّ قبل هذا أَوَ انِّي
عدَمٌ ما وُلدتُ أو كنتُ شَيّا
آهِ يا حبّذا أكونُ سرابًا
يتلاشى وينتهي منسِيّا
ذا مخاضُ الْمسيحِ كان يسيرًا
قدَرًا كان أمرُهُ مقضِيّا
وأتتْ قومَها فقالوا أيا مَر-
يمُ قد جئتِنا عُجابًا فَرِيّا
نَذَرَتْ للْإلهِ صومًا وأَوْفَتْ
لم تُكلّمْ مِنَ الورى إنسِيّا
وأشارتْ إليهِ أنْ كَلِّمُوهُ
قال أُرسِلتُ معجِزًا قدسِيّا
ما أنَا غيرُ نغمةٍ عَزَفَتْها
بنتُ ريحٍ لمْ تَأْتِ جهلًا وغَيّا
نفحةٌ من لدُنْ إلهي استقرّتْ
في ضميرِ العفافِ نشرًا زكيّا
وأنا عبدُ اللهِ آتانيَ البُشْـ
ـرى وروحٌ منهُ اصطفانيْ نبِيّا
فاهتدوا بيْ، أنا المسيحُ إلى اللهِ
تعالَوْا معي وَحَيّا وَبَيّا
فاتّبِعني أيا مسيحيُّ إنّي
شعلةُ النّورِ كن بنُوري حَرِيّا
جوهرُ الدينِ بَيِّنٌ ويسيرٌ
يتحاشى المستغلِقَ المُعجَميّا
قال صلّوا وقال صوموا وزكّوا
لم يكن طِلْسَمًا وَلا فلسفيّا
هل متى أين كيف ماذا لماذا
مَن وأنّى؟ بل ساطعًا مَجلِيّا
خُذ ضياءً من شعلتي واقتَبِسْ عنـ
نيْ وأوقِد إشراقَك الدينيّا
وتوَشَّح سطوعَ نورِك حبًّا
وتجاوز كيانَك الكونيّا
بردةُ الحبِّ خيرُ ما تتزيّا
ما أُحَيْلاهُ بكرةً وعشِيّا
بارك اللهُ مؤمنًا بيْ وأمّي
بكِلَيْنا اهتدى هدًى مريمِيّا
بِيْ بإنجيليَ المقدّسِ أضحى
مستقيمًا وهاديًا مهديّا
فادنُ منّيْ يا مؤمنًا عيسَوِيًّا
وبِهديي اقتَدِهْ تكن عيسويّا
وسلامٌ عليَّ في كلِّ يومٍ
أمرُ ربّي، فضلُ السلامِ علَيّا
يوم خلقي وفي مِهادي سلامٌ
وصبيًّا ويومَ أغدو فتِيّا
وسلامٌ عليَّ كهلًا، سلامٌ
يومَ موتيْ ويومَ أبعثُ حيّا
باسم أحمد قبيطر – إسبانيا
Share this content: