جاري التحميل الآن
×

الفن في خدمة البيئة

الفن في خدمة البيئة

تدوير الفن في خدمة البيئة
(ليزا) .للفنانة التشكيلية “حياة بيشر”تعبر عن جمال المرأة الإفريقية مصنوعة من مواد مُعادة التدوير ومهملة

«إفرُز نِفاياتَك… تِفرُز عَقلاتَك» أحمد ستيتة

الفن في خدمة البيئة

كتبت فاتحة أكني/ماجيستير في تدبير المجالات الترابية, شاعرة, ومهتمة بالفنون

لا بدّ لنا قبل التعريف بالعلاقة المتواجدة فعلياً بين الفن والبيئة أن نوضح فكرة أن الطبيعة الكونية تفرض حقيقة تتلخص في كون الإنسان في ديناميكية مستمرة ومتجددة داخل الكوكب الذي يعيش فيه, هذه الاستمرارية “إستمرارية الاستغلال” هي النقطة التي أفاضت الكأس: هي ما جعلت الإنسان بصفة عامة والفنان بصفة خاصة يبحث عن كيفية تقليص “تلويث الإنسان لكوكبه”، من هنا نشأت هذه العلاقة بين الفن والبيئة او بالأحرى انبثاق مدرسة الفن البيئي.

ظهور الفن البيئي حاملا مشعل “خلق بصمة الازدهار من المهمل” كفرع أساسي لحل مشاكل البيئة.

الفن البيئي كان ولا يزال يجاهد ليتجاوز المحدود، كونه فن معاصر يواكب تغيّرات المجتمع “التغيّرات البيئية في الصدارة”.

هذا الفن الحديث الولادة هو فن معاصر بقوائم عريقة, أي انه وليد القرن لكنه متجذر رغم حداثته: إنه الإبن الشرعي للفن التشكيلي, ويمكن القول بأنه بات يُعرف بالفن الملموس الجماهيري لأنه يخاطب بلغة يفهمها الجميع، لغة الجمال والخُلُق، وهذا ما يميزه عن باقي الفنون، وهو بالأحرى فنٌ يملك بُعداً تأمُّليّاً في الطبيعة, بُعداً يتوازى مع الخلق الإبداعي, حيث يحاول الفنان المبتكر من خلاله أن يخلق حسّ التفاعل الحسّي الإيجابي مع الطبيعة (تدوير المهمل وتحويله إلى فن جميل ومبهر)؛ أي خلق قيمة بواسطة المهمل المضرّ.

الفن البيئي هو فن تحويل اللاشيء إلى النفيس (تحويل اللاشيء إلى إبداع فني بصَري).

هذا الفن الخلاّق ألقّبُه بـ” مجرّة الفنون” لما يحمل في طياته من كواكب فنية بحتة ” تدوير، نحت، رسم، تشكيل ” كلها تعوم في فضاء اللامحدود لتخاطب كل الفئات العُمرية داخل المجتمعات وتجعلها منبهرة في رسالتها القوية تحت عنوانها الدائم {خلق بصمة الإزدهار}.

الفن البيئي هو سفير الجمال بشكل ملموس, فمنذ سنوات أصبح هذا الفن نقطة محوَرية في جميع أنحاء العالم، حيث بات يخاطب المجتمعات بلسان سلس وسهل: “أنقِذوا الأرض”. وضمُّه جوانب تحث على تغيير المناخ مع دمج الآثار البصرية والصوتية: دينامية الابتكارات الجميلة من الطبيعة إلى الطبيعة في كل بقاع الأرض, إبتكارات أغلبها مدروسة ونابعة من وعي اجتماعي لإنقاذ الكوكب من الانهيار الذي سبّبَتْهُ الصناعات.

هنا يمكننا التأكيد على أن صفته الثالثة أنه فن يتصدى لتأصيرات الرأسمالية الصناعية ويبحث عن تقليص ^^سيادة النفايات^^ بتحويل المهمل إلى النفيس (تدوير مخلفات الحروب على سبيل المثال).

حاولت عدة دول منذ سنوات أن ترسخ هذا الفن في أذهان مجتمعاتها حيث انتقلت هذه الثورة الفنية المعاصرة من البلدان الأوروبية إلى البلدان العربية ( لبنان، السعودية، المغرب، تونس والجزائر ), فباتت هناك دينامية مجتمعية تبدلها جمعيات للحفاظ على البيئة .

لقب بالفن السفير لأنه يحث على أهمية تصالح المجتمعات مع الطبيعة لضمان استمرارية الإنسان في بيئة نظيفة .

كل هذه المدارس الفنية تحاول ان ترسخ مبدأ أن الإنسان والطبيعة وجهان لعملة واحدة <<جسداً وروحاً>> لا غنى لأحد عن الآخر.

وهذا ما رسخته مجموعة من الأعمال الفنية الجميلة في البلدان العربية, نأخذ على سبيل الذكر مدرسة الفن البيئي (آسيا جلاب) التي جعلت كل لوحاتها تعبر عن عمق علاقة الإنسان بالطبيعة ومدى أهمية الفن في الحفاظ على البيئة، فباتت لوحاتها التي أغلبها من مواد مُعادة التدوير, والتي أغلب موادها طبيعية تحمل رسالة: أنقذوا الأرض من الإنهيار. عنواناً موحّداً وتعبيراً قوياً لدور الفن البيئي المحض للحفاظ على سيرورة العلاقة الإيجابية بين الإنسان والبيئة.

يمكننا القول كخلاصة للموضوع أن الفن البيئي مشعل الإزدهار… فن شامل يحمل في طيّاتِه رسالة قوية مفادُها حثّ الإنسان على العيش داخل فضاء نظيف وجميل… فنٌ يحافظ على سيرورة العلاقة الإيجابية بين الإنسان والبيئة تحت عنوان خدمة الأرض أوْلى.

Share this content:

إرسال التعليق