من الصّدمات التّراكميّة إلى بناء الكينونة الوطنية المدنيّة
(Sandra Eid، اعلامية وباحثة اكاديمية)
ليتنا نفهم عمق البعد الروحي، أن نتعلّم كيف نصغر لأجل من نحبّ ،ان نميت الخاص كي يحيا العام فوق كل التسويات، تعالوا نلتقي ونتحاور جميعا على هذا المستوى لنرتفع من الارض الى السماء ولنؤرضن السماء ولنجعلها واقعا ملموسا في حياتنا # نعم لثورة حب تحررنا من التروما trauma، اي الصدمات النفسية المتراكمة … ولعلماء النّفس وعلماء الاجتماع دور اساسي في هذه المرحلة، لمساعدة السياسيين والشعب اللبناني من اجل رفع لبنان كمشروع انساني (وطني) فوق كل الاعتبارات الضّيّقة، أن تكون ثقافة الانسان والحقيقة هي القضية الاولوية لذلك، لكن طالما الزعماء سيبقون على ضفاف عقدهم النفسية يهربون الى الامام ، سنبقى كشعب مقيّدين بثقافة الموت والدمار …. لا تقتلوا روحنا، … فهذا كفر … لنتواضع كي نرتفع انسانيا ولنخرج من التّكابر ، فالشعب اللبناني طيّب، وخامته جيّدة وأداة طيّعة لادارة وطن بحب وبعطاء كبيرين …حاليا لا زالت مؤشّرات الحوار النّاضج غائبة على السّاحة الداخلية ، وتحاول بعض الاحزاب ان تبتلع لنفسها دور قيادة هذا الحوار وهذا لن يكون مسألة صحية … ان النهضة البنيويّة المطلوبة من الاحزاب ان تدخل اولا في عمق قراءة ذاتية لاخطائها ولتناقضاتها، وكي تقوم بذلك عليها ان تتنحى حاليا عن السياسة وتدخل في مطهر وهدنة بعيدا عن ممارسة اي فعل سياسي مع ترك قيادات جديدة ونظيفة تقود مسار الوطن باتجاه التغيير … فلبنان ، درّة الشّرقين، بجناحيه الشّرقي والغربيّ، هو “عقل فوق كل شيء ” كما يقول كمال يوسف الحاج من خلال نزعته الميثاقية التوفيقية في نصلامية كلّفته استشهادًا ، … لكن ليتنا نفهم النّصلامية كروحية العقل المشترك الذي يجمعنا على التلاقي والحوار والتأنسن، … الدول الخارجية لن ترحمنا ان لم نرحم نفسنا اولا …. فمن نبيح له عرض ارضنا ونحن لما نتّفق بعد على ثوابت نفرضها عليه ، سينتهك حريتنا وسيادتنا الى ابد الابدين وجميعنا سندفع ثمن هذا الاستقواء الذي يحيي كبرياءً خاصا عابرا ولو حساب زهق الارواح وكرامات البشر … حان الوقت كي نترجم عقيدة الوطن بلغة الحوار المدني فوق كل المقاربات التاريخية البائدة، ان ننطلق من الانسان الذي فينا من حيث تنبع قوة الحق التي تهزم كل اسلحة دول العالم اذا ما فهمنا كيف ان بناء الاوطان ينبع من لغة الحنان والرحمة والاعتراف بالاخطاء وعدم الخوف من الاعتراف بها… لا مفر من المطهر الروحي بمعناه العميق كي ندخل في معمودية الذات والقيامة التي تأخذ لبنان الى هذاالمكان الاعمق والابعد ، فلا تخافوا من التناقضات التي تحتدم فينا، اذا كان مطلب حب الوطن هو الاساس ، لكن هو مطلب لن ينجح ان لم يتحرر كل زعيم من التروما االخاصة به على الصعيد الشخصي … لا شرعية اذا لميثاق وطني متجدد على مساحة طموحات الشابات والشبان والاجيال الاتية من دون شرعية المصالحة الشخصية مع الذات، اي التوقف في الزمن والتاريخ والدخول الى عمق ذاتنا ومواجهة صدماتنا اللاواعية السيكولوجية المتراكمة والتي غالبا ما نهرب منها بدل ان نواجهها لاننا نخاف وفي الخوف مؤشرات لاواعية ترتبط بثقافة الموت والاستسلام لقتل الذات الانسانية فينا بدل ان نختبر عظمتها ومداها اللامتناهي المرونة والتّحوّل العجيب الى حد الاستعجاب … كي تصبح الكلمات شرعية ولها قيمة وكي لا تبقى شعارات عابرة لا التزام حقيقي او جدي فيها او واضح المعالم والالية ، لا بد من مواجهة ذاتنا الداخلية اولا وان نأخذ وقتنا لنفهم ماذا يعني ان نواجه صدمة نفسية لاواعية متراكمة فينا … وعندما نطالب بتدويل بيروت فنحن نقصد بالتدويل هذا التحول من خصوصيات قاتلة الى فضاء كوني مفتوح لا متناه واشراك لبنان في المساحة الجيو -سياسية الدولية كي يكون جزءا بين امم وكي لا يبقى وطنا منبوذا لعزلته الداخلية، لا اثر له ولا تأثير …. والا، هذه المرة، تصبحون على وطن .
اكتشاف المزيد من 10 لبنـــان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.