رائعة الشاعر باسم أحمد قبيطر
وأعِدّوا
أحرَقُوا الأقصى فماذا كان بَعدُ
أعجِمِ الصمتَ وقُل هل كان ردُّ
طال صمتٌ مخجلٌ يا أمتي
ولسانُ العُربِ هل أمضاهُ قدُّ
ليتهُ يبكي كما في سالفٍ
قام يبكي نائحًا في شَرْلِ إِبدو (1)
أبكمٌ عن كلِّ ما حاقَ بنا
وَفَرانا من عِدا الأمّةِ حقدُ
ربما كان يُلبّي مسرعًا
لو دعاهُ لهُراءِ العيشِ نهدُ
فمتى يصدعُ بالحقِّ متى
ومتى للمهدِ والأقصى سيشدو
وعلامَ الصمتُ عن كيدِ العِدا
ليت شِعري لم ينَلْهُم منهُ نقدُ
وإلامَ الصمتُ عن آثامِهم
إنّ طولَ الصمتِ للقسطاسِ وأدُ
إنّ طولَ الصمتِ خِزيٌ موجعٌ
ويضاهي إثمُهُ ما حاكَ وغدُ
ليس يجدي اليومَ تنديدٌ عفا
أضعفُ الإيمانِ أنْ للقدسِ نعدو
أيُّ داءٍ حلَّ فيهِ وفَشا
لم يَفُهْ حرفًا ولم يَنبِسْ: وبَعدُ
حالُ أهلِ القدسِ تدمي مقلتي
قرّحَ العينينِ وسواسٌ وسُهدُ
صاديًا أصبو إلى أطيانِها
لا أبالي لو طواني ثَمَّ لحدُ
لستُ أدري كيف خان البعضُ بل
كيف للمحتلِّ أيديْ السّلمِ مَدّوا
إنها إرثٌ علينا حفظُهُ
لم يجُزْ في إرثِنا المسلوبِ زهدُ
برّحَ الرّوحَ اعتِرَافٌ منهُمُ
أنها للهُودِ من ذِي العرشِ وعدُ
وَهْيَ من بلفورَ وعدٌ جائرٌ
وارتضَوهُ وهْو جَوْرٌ مستجِدُّ
لم يزِدهُم جبنُهم إلا هَوًى
ورياءً شَانَهُ في الطبعِ عِندُ
بدعةٌ لا ريبَ في بُطلانِها
حقّقوها وعليها صيغَ عَقْدُ
كلُّهم سيفٌ علينا قاطعٌ
ولدى الأعداءِ خوّارٌ وعبدُ
حين إسرائيلُ عانى أمنُها
مِنْ غذاءٍ كيف بالإمدادِ جَدُّوا
بينما في غزّةَ الثّكلى أبَوْا
بمياهِ الشّربِ حتى أن يُمِدّوا
ما أعانُوا إنْ بِخُبْزٍ أهلَها
فإذا أطفالُنا عظمٌ وجِلْدُ
لو بعثتُم بعضَ قمحٍ كاسدٍ
لكَفاهُمْ مِنْ طَوًى صاعٌ ومُدُّ
أيها المُفتونَ أفتُونا بِهِمْ
أعَلى أمثالِهمْ في الشّرعِ حدُّ
حُكْمُ من خانوا صريحٌ بيّنٌ
جازَ في أعناقِهم قطفٌ وحصدُ
نافقوا الأرحامَ خانوها غوًى
ولَأدنى ما عَلَيهم حُقّ جَلْدُ
إنهم سيفُ العِدا في وجهِنا
ومتى شاء العِدا للسيفِ غمدُ
حسبُنا أرواحُهم تصلى اللظى
وكذا أبدانُهم للنارِ وقدُ
بئس من ذلُّوا ألا تبًّا لهم
أوَما للذلِّ ويحَ الذلِّ حَدُّ
كيف خانوا واعتراهُم صمَمٌ
ومع الأقصى يهزُّ السّمعَ مهدُ
وأداروا لِلْعِدا خَدّ الرّضى
بينما للأهلِ كم صُعِّرَ خَدُّ
بئسما العَيْشُ ارتضَيْنا ذِلّةً
لِرَديءِ الأصلِ فينا يستبدُّ
إنّنا أحفادُ عزٍّ، أهلُنا
خزرجٌ، آلٌ، وأصحابٌ وأزدُ
هكذا أجدادُنا أحسابُنا
حينما جَدّاهُ خنزيرٌ وقردُ
يا بَني قومي أجيبوا مجدَكم
أَيُوازى مَحتِدًا جَدٌّ وجَدُّ؟!!
أين ما أعددتمُ من عُدّةٍ
لا يُرى سيفٌ ولا نصلٌ يُحَدُّ
فأبِينوا مَا الّذي أعددتُمُ
أم عسى ما عندَكم للخصمِ وَرْدُ
وأجيبوا كيف ذا فسّرتُمُ
وأعِدّوا وأعِدّوا وأعِدّوا
هالَني التطبيعُ مِنْ أنسابِنا
فاتِكُ الإيلامِ مِنْ قتلٍ أشدُّ
شارَكُوني وأنا كلّي لهم
شنآنُ الأهلِ من خصمٍ ألدُّ
لم يزل أعداؤنا في كيدهم
وعلينا ينطلي للآنَ كيدُ
خطّةٌ عنوانُها فَرِّقْ تَسُد
دأبُها في المكرِ إرخاءٌ وشدُّ
يا بَني الإسلامِ ماذا نابَكُم
إذ توانيتم ويُرجى اليومَ حَفْدُ
عن جهادٍ كلُّكم في شغُلٍ
وقعدتُم عَزّ في غوثِيَ رِفْدُ
فمتى أشرحُ صدرًا وأرى
كيف يجلو حزنَ هذي الأرضِ سعدُ
وعسى تأتونَ أوفادًا عسى
وَيَلِي وَفْدًا إلى التحريرِ وَفْدُ
وإلى إِلْياءَ يصبو رَكبُكم (2)
وإلى إِلْياءَ ذا الرّكبُ يُشَدُّ
نِعمةُ الإسلامِ عمّت كَوْنَنا
وتبنّى دينَها هندٌ وسندُ
أمّةٌ من كلّ أعراقِ الدّنى
عرَبٌ فرسٌ وأتراكٌ وكردُ
وأُرُوبّا آسِيا إفريقِيا
جاوَزتْها لِحُدودٍ لا تُحَدُّ
ومدى الأمريكتينِ انتشرتْ
فهنيئًا حيثُ حلّ الدينُ رشدُ
ولغاتُ الأرضِ لِسْنٌ لِلْهدى
إنجِليزيٌّ فرنسيٌّ وأُردُو
فلماذا ضاقَ حولًا وسعُنا
ولدينا مَقْدِراتٌ لا تُعَدُّ
لا لشرقٍ أو لِغربٍ لا وَلا
ليس كالإسلامِ في الإعدادِ أيْدُ (3)
وإذا ما طال عهدٌ بِالكرى
فعلى القدسِ يقينًا حيلَ وِردُ
أم على هِمّتِنا أقفالُها
في قيودِ اللهوِ مِنْ قَبْلُ وبعدُ
نهدرُ الوقت بلعبٍ وهوى
ولكم نغتاظُ لو شاكسَ نَرْدُ
بينما أخصامُنا ما بَرِحَتْ
في اجتهادٍ كلّ حينٍ تستعِدُّ
فاستقِلّوا أعلنوها وَحدةً
مِنْ إلى حتى وأنّى امتدّ بُعدُ
فكلا الضدّينِ حلفٌ ضدّنا
وبوجهِ العُربِ كرمى الهودِ سَدُّ
ومتى ذاكم نوازيهم قوى
وجميعُ الزّادِ منهم يُستمدُّ
وحدَهُ استقلالُنا يؤتي الجنى
وسِوى الوَحدةِ مهما كان ردُّ
بورِكَ القلبُ، إلى القدسِ صَبا
لم تَعُد تُصبِيهِ لا لبنى ودعدُ
آبَ قيسٌ وارعوى عن أمسِهِ
وإذا لَيْلاهُ في الميدانِ هِندُ
رُبّ دارٍ كنتُ فيها واجدًا
مِلءَ قلبي فَضَّها في البوحِ وَجدُ
وعلى عرشِ فؤادي ثبُتَتْ
واستقرّتْ ما لها في القلبِ نِدُّ
قبلةَ الرّوحِ ستبقى قدسُنا
ولَها في الودِّ لا يرتابُ ودُّ
هل إلى عَوْدٍ إلى أحضانِها
هاجَنا للقدسِ فرط الشوقِ عَوْدُ
سوف نُقصيهم بعيدًا، قسَمًا
لن يضيعَ الحقُّ مهما عقَّ طردُ
سوف نُجليهم قريبًا، وكفى
إنّ طولَ الشّرحِ تفنيدٌ وسَردُ
ليس يُثنينا رماحٌ وقَنا
ووغًى دارَ بها جزرٌ ومدُّ
وبروقٌ ورعودٌ خلّبٌ
ووعيدٌ كالَهُ للعُربِ ضِدُّ
نحنُ فوق البرقِ برقٌ راصدٌ
نحن شهْبٌ، نحنُ فوق الرعدِ رعدُ
سنفلُّ الضِّدَّ فَلًّا مُثْلِمًا
بجهادٍ كربلائيٍّ يهُدُّ
وكأنّ الفردَ جيشٌ كاملٌ
وكأنّ الجيشَ في اللُّحمةِ فردُ
ليس يَغلو إن دُعِينا للردى
لا نفيسٌ لا غوالٍ قُلْ ووُلدُ
نشتهي الموتَ فِدا أقداسِها
ولنا في موتِنا المنشودِ خُلدُ
هاتفُ البذلِ ينادي عزمَنا
أن أجيبوا داعيَ الزحفِ استعدّوا
وأعِدّوا ما استطعتم وازحفوا
إنما الزحفُ لأجلِ القدسِ مجدُ
لا تقولوا كيفَ أنّى ومتى
ليس ممّا جَدَّ لو تدرونَ بدُّ
كلُّ ما بالسّيفِ منا غصَبوا
فبحدِّ السّيفِ حصرًا يُستردُّ
فصلاحُ الدينِ حيٌّ لم يمتْ
وصلاحُ الدينِ في الأعناقِ عهدُ
يا بلادَ الشّامِ قد طابَ اللّقا
برفاقِ الدربِ إذ وافتْكِ نجدُ
ما أجَلّ الزحفَ تيهًا زأَروا
وانبرى للقدسِ أشبالٌ وأُسْدُ
يا كُماةً لا تبالي بالردى
وإذا ما حُمّ إنّ الكلَّ جلْدُ
وحتوفَ الحتفِ إن منكم دنا
تُرخِصونَ الروحَ مهما كان فقدُ
فيَظُنُّ الموتُ إذْ تلْقَوْنهُ
أنّ بذلَ الروحِ مقصودٌ وعَمْدُ
أعلِنوها ثورةً خفّاقةً
وابسُطوا زَندًا دعاهُ اليومَ زَنْدُ
واسفَحوا الشريانَ يفدي قدسَنا
فجراحُ الطعنِ للأرواحِ شهدُ
كبِّروا للهِ وامضُوا باسمِهِ
طابَ في الهيجاءِ بِاسْمِ اللهِ كَدُّ
ها نفَرنا خودُنا أملودُنا
ملَأ السّاحاتِ أشياخٌ ومُردُ
وعَدَونا وسبقنا عدوَنا
ولموتٍ في ثراها طابَ قصدُ
وحمَدنا اللهَ حمدًا دائبًا
وشكَرنا، لا يُوَفّيْ اللهَ حمدُ
وعلى المختارِ صلّينا تقًى
وعلى الآلِ، بها الأنفاسُ تحدو
حسبُنا اللهُ نصيرًا في الوغى
ومع الإيمانِ قوّى النبضَ جِدُّ
هانتِ الأرواحُ في استرجاعِها
هانَ في التحريرِ والتطهيرِ جَهْدُ
لا نخافُ الموتَ فالموتُ لَنا
راحةٌ رَوْحٌ علَى الأرواحِ بَرْدُ
ألهَبَ الأرضَ دبيبًا زحفُنا
ثَمَّ حشدٌ ثُمَّ يتلو الحشدَ حشدُ
نصرُنا مرآتُهُ استشهادُنا
وثباتٌ صانهُ الإيمانُ صَلْدُ
يا فلسطينُ افتِخارًا زغرِدي
فإلى عرسِكِ غَذّ السّيْرَ جندُ
(1) شارلي إِبْدو: Charlie Hebdo
(2) إِلْياء: إيلياء (القدس)
(3) أيْد: قوة
باسم أحمد قبيطر – إسبانيا
اكتشاف المزيد من 10 لبنـــان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.