علَى الأَعتاب ..
أسامرُ حيْرةَ الكأسِ
بليلٍ حالكِ الشّمسِ
كَأَنَّ الأمسَ صارَ غدِي
وصارَ غدِي بِلا أمسِ
وحارَ العمرُ في سفرٍ
بشكٍّ قانِعِ اللّبْسِ
فلاحَ اليأسُ في حالي
وملَّ الحالُ من يأسِ
وراح الصّبرُ يرحَلُ بي
إلى نُسُكٍ من التّعسِ
وليستْ شيمتي الشكوى
ولم آيَسْ منَ البؤسِ
أَكانَ العمرُ أحجيةً
تراوغُ راحةَ النّفسِ؟!
لعمري تلك ملحمةٌ
يخطُّ صِحافَها بأسي
بِشوقٍ مضّهُ ألمٌ
يقدُّ كشفرةِ الفأسِ
يخوضُ غمارَها وَلِهًا
ولَم يجنحْ إلى نُكْسِ
وباعَ حطامَ ما يُغوي
بسعرٍ تافهٍ بَخْسِ
ونزفُ قميصِهِ الدامي
روى أسطورةَ الحِسِّ
أنا عشقٌ أنا ولَهٌ
وتقتُ لموعدِ الأُنسِ
فمنْ للروحِ يُرضِيها
إذا ما غابَ سالِيها؟!
ورُحتُ أقلّبُ الدنيا
وأنشدُ غايةً عليا
أكاشفُ مقلةً دمعتْ
على الأعتابِ في اللقيا
وكانت مزنةً بالأمْـ
سِ تسقي التيهَ كي تحيا
ولكنْ يا لتلكَ العيْـ
نِ إذ عقِلَتْ نُهى الرؤيا..!
مخرتُ بحارَ أسئلتِي
عسى أستلهمُ الفُتيا
ولم أظفرْ بِما يجلو
حِجابًا صدّني بَغْيا
رميتُ سهامَ أَخْيِلتي
لِكَيْ أستقرئَ الوَحْيا
بِوَجْدٍ مِنْ صَمِيمِ الرُّو-
حِ ناهزَ شَوقُهُ المَحيا
فَطارتْ تكشِفُ الآفا-
قَ يَنضحُ عزمُها وَعيا
يُناجي حِلمُها الأبعا-
دَ والإبعادَ والنّأيا
تفتّشُ عن رحيقِ الوَصـ
لِ في عطشٍ إلى السُّقيا
وقد صدَقتْ بما وعدَتْ
ولَم تُخلفْ بذا وَأيا
ولَم تهتِكْ خِمارَ العَهْـ
دِ تعشقُ سِترَهُ رِئْيا
وجابتْ مُطلقًا ما انفَكْـ
كَ يُربكُ مجدُه السَّعيا
وإذ بالروحِ تستفتي
مدًى في الأفْقِ يُغريها..!
وفَوْق بُراقِ أشرعتِي
طويتُ هواجسي طَيّا
لجأتُ لصبوةٍ قُصوى
وما نال الهوى شَيّا
سوى ما كان تصليةً
قضى في حرقِها شَيّا
فهلْ مَنْ أغطشَ التّرحا-
لَ لا يرضى لها رَيّا؟!
تودُّ البُرءَ من شكٍّ
توغّلَ رَيْبُهُ فِيّا
تقولُ أيا تُقى حَيّا
وتُردِفُ لهفةً بَيّا
وتكشف برقعَ الدنيا
فتجلو الزيْفَ والغيّا
لها في الأمسِ معتبَرٌ
فصاحتْ من نَوًى هَيّا
تهيمُ برَمسِ مرتحِلٍ
وفانٍ، لو بدا حيّا
وتسعى الروحُ في ولَهٍ
على آثارِ حادِيها..!!
إلى أن تِهتُ في أمري
وما في النفسِ من فقرِ
ولا أدري بما يجري
بظلِّ العسرِ واليسرِ
وظَلْتُ مسائلًا دهري
أكنتُ أريدُ أن أدري؟!
بأنّي الهائمُ الصّادِي
ولا أمواهَ في البئرِ
وفي أحشاءِ عتمتِها
وفي حبسٍ بها سرّي
عرفتُ بكلِّ إدراكي
فداحةَ جهلِيَ المُزري
ودلّتْني عواقبُهُ
إلى ذنبٍ نفى عُذري
فَأدجى حُلْمُ أخْيلتي
خلا من أنجمٍ زُهْرِ
ورُمتُ الوصلَ في شوقٍ
كشوقِ الطلِّ للزّهرِ
وشوقِ الزّهرِ للأندا-
ءِ فِي أنشودةِ القَطرِ
تغنيها لنا الأطيا-
رُ حبًّا دافقَ العطرِ
وتعزفُها مدى الأشوا-
قِ أنغامًا مِنَ البِشْرِ
فتروي مهجةَ العُشّا-
قِ إيناسًا مع الصّبرِ
أهزُّ بجذعِ نخلتِها
وأرحلُ دونما تمرِ
أكانت رحلتي كسبًا
أضاعَ الأمنَ في صدري؟!
وفي أهدابِ أحزاني
وإذْ تطغى وتسْتشري
دلَجْتُ بلَيْلِ أشجاني
أرتّلُ سورةَ العصرِ
وأقرأُ في شواهدِها
بأنِّي اليومَ في خُسْرِ
فأسْتَوصِي بدعوتِها
إلى الإيمانِ والبِرِّ
إلى صبرٍ يُسربلُنِي
بعفوِ الخالقِ البَرِّ
فَظلمةُ عمرِيَ اشْتاقتْ
لليْلِ الوصلِ والفجرِ
رصدتُ الغيبَ يرصدُني
ويقحمُ رحلةَ العمرِ
فصِحتُ بمسمعِ الدنيا
سأقطعُ حبلَنا السُّرّي
أكادُ مِنَ الرّؤى أَعيا
وَمِنْ آتٍ طوى نَعْيا
فَفاضَ الوجدُ في كأسِي
وأذكى البوحَ في همسِي
وصبّ الراحَ في خمري
بلا عنبٍ ولا سكْرِ
وَفضّ رموزَ أشواقي
وأغناني عنِ النّذْرِ
فوا عجبي لِما يَجْري
نَمَتْ روحي لِجانيها..!
باسم أحمد قبيطر – إسبانيا🌴
اكتشاف المزيد من 10 لبنـــان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.