شكل ملف النزوح السوري منذ بدايته في العام ٢٠١١، إشكالية وطنية بين اللبنانيين مرده، إلى اختلاف المقاربات السياسية حوله، وفشل الحكومات المتعاقبة في إيجاد الحلول المطلوبة ،والآليات الأمثل للتعاطي مع هذا الملف المُكلِف اقتصادياً، واجتماعياً، وصحياً، وبيئياً وحتى سياسياً، ويفوق قدرة الدولة اللبنانية العاجزة، والتي تعاني بدورها من مشاكل مالية ،ونقدية عميقة، وتكاد تنعدم دورة الحياة الاقتصادية فيها.
ولذا ، فقصور الدولة اللبنانية في تعاطيها مع ملف النازحين، و تخلي الدول الأجنبية والمانحة عن مسؤولياتها الكاملة تجاه هذا الملف، إضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية للمواطن اللبناني، كل ذلك ،أدى اليوم إلى طرح هذا الموضوع من بوابة الإستثمار والتوظيف السياسي من قبل أحزاب وميليشيات كانت ولا تزال تساهم بتهجير السوريين من أرضهم.
لذا فإننا في إنتفض نؤكد على التالي:
أولاً: إن المسؤول المباشر والأول عن هذه الأزمة هو النظام السوري الذي هجّر السوريين، وهدم أملاكهم ثم استملكها، وهو يرفض حتى الآن عودة شعبه الى أرضه، بهدف إحداث تغيير ديموغرافي في سوريا ،ليتمكن من إعادة السيطرة على الحكم بقبضة حديدية، وذلك بالتعاون مع حزب الله الذي لا يزال الى اليوم يحتل أجزاء من سوريا.
ثانياً: إن أي مقاربة لهذا الموضوع الشائك والخطير يجب أن تنطلق من الإقرار بوجود مشكلة كبيرة وحقيقية تهدد الأمن القومي للدولة اللبنانية، ليتم إجراء مقاربة عملية وعقلانية توافق بين المصلحة الوطنية اللبنانية العليا، واحترام حقوق الانسان في العيش الآمن وفي كرامته الإنسانية.
ثالثاً: إن الدولة اللبنانية، ومنذ بدء الأزمة، لم تقم بأي اجراء عملي لتنظيم وتأطير الوجود السوري، لذلك، نرى أنّ عليها على الفور:
أ- الاستحصال على الداتا الكاملة من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
ب- تسجيل كافة السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية، وبالأخص أولئك المولودين في لبنان.
ت- ضبط وتنظيم حركة العبور عبر الحدود الشرعية وغير الشرعية.
ث- إسقاط صفة اللاجئ عن كل من يدخل الأراضي السورية أو السفارة السورية.
ج- التمييز بالتعاطي بين اللاجئين السياسيين، ومن هم هنا لأسباب اقتصادية بحتة.
ح- في ما يتعلق بالنازحين الاقتصاديين، تتم معالجة ملفهم عبر تنظيم سوق العمل، وقوننة وجود اليد العاملة التي يحتاجها لبنان واخضاعها لقانون العمل، ككل البلدان الأخرى.
خ- أما في ما يتعلق باللاجئين السياسيين، الهاربين من إجرام نظام الأسد، فالمطلوب الضغط على الدول الأجنبية لزيادة نسبة اعادة التوطين لديها، كما المطلوب التوجه الى الدول العربية الصديقة، والسعي معها للضغط على النظام السوري عبر وضع عودة النازحين السوريين المتواجدين في لبنان كشرط مسبق للتطبيع الحاصل بينها وبينه، من أجل تأمين عودتهم الآمنة والكريمة الى سوريا.
كما نؤكد أن أي طاولة عربية كانت أو غير عربية، تبحث قضية النزوح السوري لا يشارك فيها لبنان بصفته البلد الأكثر استضافة للنازحين مقارنة بعدد سكانه، تكون طاولة ناقصة لأن صاحب الشأن غائب عنها.
لذا فإننا نؤكد على ضرورة مشاركة لبنان في اي اجتماع قادم مماثل لاجتماع الأردن الذي جرى منذ يومين.
إننا في ائتلاف انتفض، إذ نعي خطورة هذه الأزمة على اللبنانيين والسوريين ، وكذلك على اقتصاد لبنان وأمنه وديموغرافيته، نتوجّه الى كل المواطنين وخاصة أهالينا الأوفياء في طرابلس، للالتفاف حول هذه المقاربة بعيدا عن ردات الفعل، للخروج من هذه الأزمة بنتيجة عادلة ، ومرضية للطرفين اللبناني والسوري ،بعيداً عن الانجرار لحملات التحريض العنصري المنظمة.
اكتشاف المزيد من 10 لبنـــان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.