قلَمون
يا عيدُ حالتْ دونكَ الأسبابُ
الدربُ سُدّ وصُكّتِ الأبوابُ
لا يُبهجُ الأسماعَ تكبيرٌ، ولا
يلتفُّ فيكَ بدارِنا أحبابُ
والوهْنُ أحكمَ في القلوبِ وثاقَهُ
وكأنّنا عن روحِنا غُيّابُ
كيف السبيلُ إلى المسرّةِ والهَنا
والناسُ في أوطانِها أغرابُ
أيكونُ عيدٌ والبلادُ كئيبةٌ
يطغى عليها حسرةٌ وخرابُ؟!!
والكلُّ يشكو بعد عَيشِ رفاهةٍ
ضيقًا كأنّ حياتَهم سردابُ..!!
وتحوّلتْ نهبَ اللصوصِ وساسةٍ
لا تستحي، أرجاهُمُ نصّابُ
جاروا على أهلِ البلادِ بلُؤمِهم
وإذا الجميعُ بقيدِهم أسلابُ
أم أنّ مِكحالَ البصيرةِ خاننا
عمِيَتْ كأنْ كحَلَ العقولَ الصّابُ
نحنُ (الْـ:صَنعنا) غفلةً أوثانَنا
وبذاتِ وعيٍ تُنقضُ الأنصابُ
يا عابثون بأمنِنا وأمانِنا
عِوَضَ السلامِ استوطنَ الإرهابُ
ومقامرونَ بخبزِنا ومعاشِنا
بقبيحِ وجهٍ ما عليهِ نقابُ
تبّتْ أياديكم وتبّ نفاقُكم
فرط العنادِ كأنّكم أخشابُ
حاصرتمُ أبناءنا وبناتِنا
كيما يضيعَ العلمُ والآدابُ
سقط القناعُ عنِ الوجوهِ وأسفرتْ
وتكشّفتْ بسقوطِهِ الأنيابُ
وغدًا لتسعيرِ الجحيم مآلُكم
أنتم وقودُ النارِ والأحطابُ
يا ذلك السَّرّاقُ لستَ بمَأمنٍ
ما ماتَ حقٌّ خلفَهُ طلّابُ
لسنا نعاجًا أم غُرِرتَ بحِلْمِنا؟!
يا أيُّها القصّابُ نحنُ ذئابُ..!!
سنهُبُّ في وجهِ الضبابِ عواصفًا
ولْيسْتبِدَّ كما يشاءُ ضبابُ
مهما غشانا بالدّخانِ فإنّنا
عزمًا نفيضُ ولن يغيضَ طِلابُ
لا شيءَ يوهَبُ في الحياةِ سماحةً
إنّ السلامَ كما القتالِ غِلابُ
الحالُ تعلنُ في صريحِ لسانِها
العيدُ وهمٌ زائفٌ وسرابُ
صرنا نخافُ إذا توهّمنا الهنا-
ءَ نخافُ أنْ يَلِيَ الهناءَ عقابُ
والروحُ تشكو للهناءِ مآلَها
فالروحُ جَوعى والمآلُ سغابُ
واليأسُ حاصر كلّ أبوابِ الرجا-
ءِ وعزّ دربٌ للخلاصِ وبابُ
والصبرُ لجّتُه عميقٌ غورُها
مدٌّ وجزرٌ والمخاضُ عبابُ
يا عيدُ عذرًا إن عثرتُ بمشتكا-
يَ فأنتَ للشّاكي العليلِ رُضابُ
واللهُ جلّ اللهُ نِعم المرتجى
تاللهِ مَن صدقوهُ لا ما خابوا
وإليهِ تبتُ ولم أزل مستغفرًا
وكفى رجائي أنّه التوّابُ
لولا طيوفٌ عشّشَتْ في خاطري
لكواهُ فقدٌ حارقٌ وعذابُ
وغزاهُ فرط النأيِ قحطٌ ممحِلٌ
وعراهُ من ألمِ البِعادِ يبابُ
في القلبِ تَسكنُني مشاهدُ قريتي
وتكحّلتْ بنقائها الأهدابُ
للهِ دَرُّ الطّهرِ في أرجائها
أنّى التفتُّ مآذنٌ وقِبابُ
وأحِبّةٌ غابوا يعزُّ وصالُهم
نقشوا الجراحَ على القلوبِ وغابوا
رحلوا وسُكّ على المآبِ رتاجُهُ
أمِنَ البرازخِ عودةٌ ومآبُ؟!!
ولَّوْا وولّى العيدُ في أعقابِهم
من حزنِها تبكيهمُ الأعتابُ
قلَمونُ يا مهوى الفؤاد تحيةً
طال التنائي واستطال غِيابُ
لا تعذليني حينَ أنتِ حبيبتي
لا تعتبي ولقد يحقُّ عتابُ
مهما تحُلْ بيني وبينكِ غربةٌ
عهدي إليكِ بأنني أوّابُ
خلف البحارِ فلا الديارُ ديارنا
لا أهلَ ثَمَّ وثمَّ ليس صحابُ
وعلى الرحابةِ في امتداداتِ المدى
ضاقتْ على القلبِ المشوقِ رِحابُ
واعدتُ قلبي أن نحُجَّكِ قال لي
فمتى تُشدُّ إلى الحبيبِ رِكابُ؟!
هلّا نطيرُ على بساطِ صبابةٍ
كي يستقيمَ مع الغرامِ حسابُ
أشتاقُ للتطوافِ في حاراتِها
والروحُ تسألُ هل يكونُ إيابُ
لا غَروَ أنّ الحسنَ هامَ بحبِّها
وأقامَ فيها والمُقامُ رُحابُ
فاقَت كنوزَ الأرض في مثقالِها
فيها الجمالُ المستحيلُ مُذابُ
وإذا أصبتَ بحَفنةٍ من تربِها
والحولُ حالَ، بها يحِقُّ نصابُ
وثراؤها أبناؤها وهُمُ خِيا-
رٌ من خيارٍ سادةٌ صُيّابُ
أهلُ المكارمِ في جبِلّةِ طبعِهم
أيّانَ حلّوا في العُلى أقطابُ
بلدٌ تَشَرّفُ بالهواشمِ نسبةً
نعمَ النّجارُ ونعمتِ الأنسابُ
هل بعد آلِ البيتِ تُرجى حُظوةٌ؟!
دانتْ لهم دونَ الورى الأحسابُ
يتوارثون الطهرَ في أصلابِهم
والدهرُ يهتف طابتِ الأصلابُ
تاريخُ مجدِكِ صفحةٌ لألاءةٌ
أنى نظرنا سؤددٌ وشِهابُ
صاغ الفداءُ حروفَها بدمِ الأُلى
أيَغرُّ سفرٌ بعدها وكتابُ
منذُ الفِرنجةِ من عهودٍ أسلفتْ
وبنوكِ في سوحِ الفِدا أربابُ
خضبوا جبينَ البحرِ لم يتلكّؤُوا
وخضابُهم في روحِنا خضّابُ
ذاتُ الصواري ألهمتْهم عزّةً
ولهم جلالًا تنحني الألقابُ
ختموا كتابَ العشقِ حينَ استُشهدوا
عشقوا الجهادَ وفي الشهادةِ ذابوا
نزفوا المدادَ ونحن نقرأُ حبرَهم
فهمُ الكتابُ الحقُّ والكُتّابُ..!!
شاب الزمانُ وهُم شبابٌ نابضٌ
إنّ الشهيدَ على الدوامِ شبابُ
حسبُ الجدودِ من الأصالةِ أنّهُمْ
شبّوا على الخلُقِ الحميدِ وشابوا
يا عاشقونَ إذا استحالتْ أوبةٌ
والكلُّ آبَ ولستُ فيمَنْ آبُوا
ردّوا عليَّ ترابَها لأشمَّهُ
وأضمَّهُ ولَكَم يطيبُ ترابُ..!!
في البالِ تنعقُ غربةٌ فتّاكةٌ
لن يفسدَ الحُلمَ الجميلَ غرابُ
إنّ الغناءَ غدا زُعاقًا لحنُهُ
ضاهى النُّعابَ وهل يُطاقُ نُعابُ
أنَا لستُ أقرأُ في فناجينِ القها-
وي ثفلَها، فنقوشُهُنَّ كِذابُ
هل يصدقُ العرّافُ ذاتَ عِرافةٍ
وهو الكذوبُ، بصدقِهِ كذّابُ
أمتاحُ من ظمئي إليكِ مناهلًا
فاضتْ طِلًا منها يلَذُّ شرابُ
إني ظمئتُ إلى عهودِ فتوّةٍ
تروي كما يروي الحقولَ سحابُ
وأصبُّ من خمرٍ تعتّقَ شوقُها
كأسًا فيطفو في الخيالِ حَبابُ
وأعبُّ من طللِ الخوالي بيننا
يا ليت ترجعُ تلكمُ الأحقابُ
وأهيمُ أبحثُ عن رفاقي أينهم
أين الأحِبّةُ .. أينها الأترابُ؟!!
والذكرياتُ على المرارةِ تُستقى
ذا أنّهُنّ بمُرِّهِنَّ عِذابُ
في عمقِ قلبي فاضَ نبضٌ تائبٌ
إلا بعشقي، يختفي التوّابُ
ونزارُ أفتى في نواميسِ الهوى
(ما أسخفَ العشّاقَ لو هم تابوا..!!)
وثقي بأنّكِ دونَ أقطارِ الدّنى
لي قِبلةٌ ومحجةٌ ومتابُ
وجّهتُ وجهِيَ في صلاتي خاشعًا
أرجو القَبولَ، فهل يطولُ جوابُ؟!!
للهِ أضرعُ سائلًا ربّي الرضى
فعسى يجيبُ المنعمُ الوهّابُ
أدركتُ أنّ رضاهُ عنّي كامنٌ
برضاكِ عنّي، فالدعاءُ مُجابُ
يا حضنَ أمّي في الأمانِ وكعبتي
تصفو الصلاةُ وحِضنُكِ المحرابُ
وهواكِ في قلبي تبَوّأ عرشَهُ
ووجيبُ قلبي حارسٌ بوّابُ
أنتِ المليكةُ لا يُدانى ملكُها
وببابِ عرشِكِ كلُّهم حُجّابُ
العاذلون كما العواذلِ في خصا-
مِ العاشقينَ، عناكبٌ وذُبابُ
جهرًا أبوحُ بحبِّنا يا حلوتي
وأُذيعُهُ، فالحبُّ ليس يُعابُ
إني على وعدٍ بأشهى قبلةٍ
أوَتأذنينَ فيصدحَ الإطرابُ؟!!
العشقُ سرٌّ في حشاشاتِ البرا-
يا قابعٌ، حارتْ بهِ الألبابُ
نحن اتّقينا ما استطعنا عشقَنا
لكنّما نهرُ الصَّبا صخّابُ
لا لستُ أنسى ضمّةً نشوانةً
وأناملًا يهفو لها العُنّابُ
هل تذكرينَ لقاءَنا كيف التحفـ
نَا الليلَ بكرًا، والعناقُ عُجابُ..!!
ومتى انصهرنا في مواقدِ عرسِنا
ما همّنا الأثوابُ والعرّابُ
فالشوقُ صالٍ والوصالُ ضرامُهُ
وعتا اللقاءُ ودارتِ الأكوابُ
أنا إن أقُلْ قلَمُونُ تاهتْ مهجتي
وبقلبِ قلبي تُزهرِ الأعشابُ
تُملي على الخفقِ اتّساقَ وجيبِهِ
ومدى عروقي عشقُها ينسابُ
فاضتْ سنًا بمدارِها وتألقتْ
ببهائِها فاكْثَوثَر الخُطّابُ
كم قاصدٍ فيها الهناءةَ أَمّها
من كل صوبٍ، تشهدُ الأحدابُ
ماذا أُبِينُ متى بهاؤكِ بيّنٌ
والحسنُ فوقَكِ بلبلٌ جوّابُ
التينُ والزيتونُ فيكِ سجيّةٌ
واللوزُ والليمونُ والأعنابُ
والوردُ ينظمُ في هواكِ قصائدًا
ويساجلُ العشاقَ لا يرتابُ
وأرائجُ النارنجِ طابَ شميمُها
وعيونُ مائكِ عزفُها خلّابُ
هذي رياضُكِ لم تزل فواحةً
وتغارُ من أطيابِكِ الأطيابُ
إنْ كان أمتع في مقاماتِ الغِنا
لا ريبَ زاركِ ذلكَ الزّريابُ
أنَا إنْ عشقتُكِ لستُ أولَ عاشقٍ
والعشقُ يا معشوقَتي غلّابُ
آنستُ من قلبي بأنّكِ عيدُهُ
فمتى ستُترعُ يا تُرى الأنخابُ
ونخوضُ في بحر اشتياق مائجٍ
فيطيبُ موجٌ هائجٌ وخِبابُ
هُزّي برأسِكِ، أومِئي، قولي بلى
بتَبسّمٍ تأويلُهُ الإيجابُ..!!
لمّا سُئلتُ عنِ الصبابةِ والهوى
ما بالُ قلبِكَ مُغرمٌ وثّابُ؟!
ما سرُّ هذا الحبِّ ما عنوانُهُ
فأجابَ قلبي أحمدٌ وربابُ..!!
أحمد ورباب في خاتمة القصيدة هما والداي رحمهما الله ورحم أمواتنا وأمواتكم أجمعين وأنعم عليهم بسكنى الفردوس الأعلى، اللهم آمين والحمد لله رب العالمين.
باسم أحمد قبيطر – إسبانيا
اكتشاف المزيد من 10 لبنـــان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.