عراة الكورونا، والعالم الجديد….
هذا الضيف الأممي الثقيل بوزنه وحجمه الفيروسي وتأثيره، وسرعة إنتشاره على كامل الكرة الأرضية، ومفاعيله الخاصة والعامة على سير الحياة على هذا الكوكب وأمنه وسكينته وراحته، وحتى في ضجيجه وصخبه جاء ثقيلا ومطّففا بشكله المطلق، ومستغربا في توقيته وفعاليته أيضا، وطرق انتشاره وانحساره وتعامل بعض الأمم معه، كان وبلا ريب ليستوقف المرء عند أكثر من محطة ومحطة ليطرح عدة علامات استفهام غريبة في ماهيتها والجدلية في تفاصيلها أمام علماء الطب والاقتصاد على السواء.
فهذا الانتشار الرهيب لهذا الفيروس الغير قاتل كأغلب بقية الفيروسات – بحسب توصيف أهل الاختصاص – على ظهر البسيطة، إذ ضاقت به أروقة المستشفيات والمختبرات، وتدافعت فوق بعضها البعض الكلمات والأسطر والحملات الدعائية، والأقمار الصناعية في نقل هذا الحدث المستحدث على نقل الصورة الحية للمشاهد والقارىء، في ظل حماوة التعليقات وسبل الوقاية الحكومية الدولية منه على شعبها ولو وصلت لطرق غيرإنسانية أو حتى رحيمة في تفسيرها وتطبيقها، لكن ماذا يدار في أروقة القرار الدولي من سؤال معلن منطقي حول ما قبل الكورونا وما بعده…؟!!!
فقد توقع علماء وخبراء، بينهم الأميركي- البريطاني Michael Levitt الحاصل في 2013 على نوبل بالكيمياء، أن ينتهي “كورونا” المستجد قريباً، أن “المهم هو السيطرة على الذعر والفوضى” لأن الوباء قد ينتهي بأسرع ما نتصور، وينتهي ما أحدثه من رعب ووباء في العالم، وفقا لما نقلت عنه صحيفة Los Angeles Times الأميركية.
وهو ما أكده خبراء آخرون، بينهم الروسيAlexander Myasnikov كبير أطباء مستشفى City clinical hospital في موسكو، بقوله إن الدول الأوروبية “أخطأت بتركيزها على البحث عن لقاح بدل اتخاذ إجراءات للوقاية أولا”، وتوقع أيضا رحيلا مبكرا للفيروس، بحسب ما ذكر للصحيفة.
مثله توقع Sergey Kiselev مدير تقنيات الخلايا في معهد Vavilov للوراثة العامة بموسكو، أن تضعف همة الفيروس “الكوروني” وتتقلص أعراضه السريرية إلى خفيفة “ولن تظهر بالقوة التي هي عليها الآن، مضيفا أن لكل وباء فيروسي حدود، يموت بانتهائها مع الوباء الذي سبّبه. “العربية نت”…
فمما لا ريب فيه أن نظرية المؤامرة في ظل هذا التخبط وانهيار البورصة لبعض الاقتصاديات الكبرى العالمية، والذهاب الى الركود الاقتصادي المحقق، كما وصفه ديفيد أيك الكاتب الانكليزي الشهير، ومقدمون على تغييرات جذرية عالمية اقتصادية، حتى على صعيد الخارطة السياسية والمالية معا بطبيعة الحال، فالانهيار الاقتصادي لعدة دول أو التحكم الكامل بإقتصاديات دول أخرى، والحروب العبثية، والثورات والحراكات، ما هي إلا مقدمات لهذه التغييرات العالمية، بظل القضاء على ما تبقى من بعض الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة وبعض من كبار المستثمرين أيضا بطبيعة الحال التغييرية، ويكون هذا ببعض أشخاص فاحشي الثراء يتحكمون بتلك الاحداث لإحداث هذه التغييرات، وما هذا الوباء العالمي والهستيريا القائمة والمبالغ بها الا غطاء أو سيناريو ومقدمة لما سيبنى عليه ضمن مشروع العالم الاقتصادي الجديد.
فمقولة ” القارة الوسط، من يستحوذ عليها فقد امتلك العالم” بوصفه المنطقة النفطية العربية، التي أطلقها هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي السابق، في معرض التوصيف حول رؤيته للنظام العالم الجديد، ولقاءه الحواري مع الصحفي الأمريكي، “جيفري غولدبيرغ” لصحيفة الأتلانتيك سنة 2016م، وما ذكره في كتابه بعنوان النظام الدولي ” World Order” الصادر في ايلول سبتيمبر 2014م، والصراع القائم بين الصين والولايات المتحدة الأميركية وحتمية التغيير، الى جانب خطة زبغنيو بريجينسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق عن “الشرق الأوسط الكبير” ، وبتتمة كاملة وتحقيقية مع بعض التعديلات لخطة برنارد لويس سنة 1980م والتي أقرت سنة 1983م في مجلس الكونغرس الأميركي بالإجماع. حتى تقديم مصطلح ” New Middle East ” الشرق الأوسط الجديد للعالم في حزيران (يونيو) 2006م من قبل وزيرة الخارجية الأميركية في ذلك الوقت، كوندوليزا رايس صاحبة نظرية الفوضى الخلاّقة، ليحل محل المصطلح الأقدم والأكثر مهابة ” Greater Middle East ” الشرق الأوسط الكبير، أتى ليصوب التركيز حول تلك التغييرات وجل هذه الصراعات هي من صلب أسباب نجاح الخطة.
نعم، إنه صراع القوى الاقتصادية الكبرى والغلبة للأقوى في إحداث أي تغييرات مبهمة أو معلومة، ومن يصنع الباب يصنع قفله ومفتاحه، ونحن الفئة في عالمنا الصغير ما زلنا ننتظر الزعيم وساستنا العظام في أن يمنّوا علينا بأطراف نعمهم، وما تلك إلا أدنى واجبات مستحقة لشعب مسحوق على جميع الأصعدة، بات جلّ همه اليومي كسرة خبز تسد جوعه وعياله، ودواء يعينه على ما تبقى من عمر، ضاعت بين صناديق انتخابية وتهليل مناطقي ومذابح طائفية وعنصرية حاقدة.
هذا الضيف الثقيل أتى ليوحد النظرة بشموليتها المطلقة، وأمام الناس أجمعين، وليعري الأنظمة الصحية والاجتماعية والغذائية، أتى ليعرِّيهم من كل أخلاق ومبادىء إدّعوها، من وراء زجاجهم الداكن ومواكبهم البراقة الفارهة، وعنجهيتهم الفارغة، وإننا سنرى وأجيالنا القادمة أي منقلب سينقلبون، فأنّات طفل سوري قبل استشهاده ” سأشتكيكم الى الله” أضحت شعارا تتوحد حوله الأنفس جمعاء.
نعم، سنشتكيكم الى الله…..
25-03-2020م عامر سنجقدار
اكتشاف المزيد من 10 لبنـــان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.