التنمر ظاهرةٌ انتشرتْ كثيراً حول العالم وقد كانَ أكثرُ مكانٍ برزَتْ فيه هو المدارس، بين التلاميذ الناشئة المراهقين، والتنمر بشكل عام يأتي على شكلين : بالعنف الشفوي أي الاستهزاء والسخرية من طرفٍ على الطرفِ الآخر، وقد يأتي على شكل أقبح وهو العنف الجسدي.
كتبت نوال أحمد ستيتة
وعرفت منظمة اليونيسف التنمر بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص, على موقعها بــأنه:
((هو أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل أخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة. وقد يأخذ التنمر أشكالًا متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المُتنمَّر عليه بدنيًا أو لفظيًا، أو عزل طفلٍ ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ.))
إذا أتينا على أسباب هذه الظاهرة سنجدُ أن أول ما يُذكر هو الأمراض النفسية، فالمتنمر هو مريضٌ نفسيٌ بالحقيقة وهو – بتنمره- ينقلُ ما بداخلِهِ من عُقَد وأمراض نفسية إلى الآخرين، وهذه النُزعة التي بداخلِهِ التي تدفعُهُ لإظهارِ سيطرتِه على الآخرين، ولن تُعيقَها المسافات، لذلكَ استمرَ هذا التنمر بالظهور حتى عند الفصل الواقعي بين التلاميذ، وقد حصل ذلكَ عندما بدأَ التعلّم عن بُعد في زمن كورونا، فلمْ يغِب عن أنظارنا التنمرُ في اي موقعٍ من مواقع التواصل الاجتماعي، فما هي أشكال التنمر الالكتروني؟ وما هي آثاره السلبية على المجتمع بشكل عام وعلى المتنمَر عليهم بشكل خاص؟ وما هي سبل الوقاية من هذه الظاهرة؟ هذا ما سنتكلمُ عنه.
تندرج أشكال التنمر الالكتروني تحت هذه النقاط:
• التنمر بالتعليقات: هو الأكثر مُلاحظةً بين جميع الأشكال لأنه يكونُ واضحاً و علنياً، فعلى سبيل المثال :عندما ينشر أحد التلاميذ صورته الشخصية أو علاماته الدراسية، ترى بعضَ الناس يستهزئون به بينَ بعضهم بالتعليقات ويضحكون عليه، أو حتى إن كان ما ينشره هو هوايةٌ من نوعٍ ما أو موهبة جميلة، لا يسلمُ بهذه الحالة أيضاً، فستجد الناس يبحثون عن أصغر عيب لينشروه بين الناس ويستهزئوا به، هذا الشكل يجعلُ المتنمَر عليهم يفرّونَ من مواقع التواصل الاجتماعي ويتجنبون التعامل مع الناس والتكلم معهم مما يؤدي إلى رُهاب التواصل الاجتماعي.
• التنمر بالتقليد بطريقة سيئة: ونرى هذا النوع غالباً على موقع (تيكتوك) حيث أن أي أحدٍ ينشرُ شيئاً لا يلقى إعجاب الجمهور، فيقلده الناس بطريقة تُبرز الجانب الغير مرغوب من الفيديو سواءً عن طريق إنشاء فيديو جديد أو عن طريق ما يُسمى بال (دويتو)، وهذه الطريقة تؤدي إلى هدم ثقة الناشر بنفسه وبمواهبه، كما أنها تقتل المواهب الشابة الجديدة وتُحبِط المعنويات.
• التنمر بمجموعات الدردشة: وهذا يحصلُ كثيراً على موقع (واتساب)، في مجموعات الدردشة الخاصة بالدراسة، فمثلاً بعد إنتهاء حصة دراسية على موقع (زوم) تجدهم يتكلمون عن هذا وعن ذاك: ماذا قال؟ ماذا سأل؟ كيف جاوب على سؤال معين؟ تحت شعارٍ يُسمى (المزاح) وهذه أكثر طريقة تؤثر على المتنمَر عليه، حيثُ أنّها تجعَل المتنمَر عليهم يكرهونَ الدراسة خاصةً مع زملائهم، وقد يتراجعون بدراساتهم، ويخجلون من طرح الأسئلة على المعلم وبالتالي قد لا يفهمون الدرس بشكل كامل.
و كُلُّ هذه الأشكال بجميعِ نواحيها السلبية تؤدي إلى الإصابة بمرضٍ نفسيٍّ شديد الخطورة على العالم وهو(الاكتئاب)، وهذا المرض يؤدي إلى خلقِ جيلٍ من الشباب الهاربين من واقعهم ومن مواقعهم الاجتماعية إلى سائر طُرق الانحراف، من (تدخين، مخدرات، عصيان للأهل، إيذاء أنفسهم، ومشاهدة البرامج الإباحية) ، وهذا المرض يؤدي أيضاً إلى ضعف تعاونهم مع الناس، وسيشعرون برغبة في التصدي والهجوم على المجتمع، ويؤدي إلى ضعف الشهية وبالتالي ضعف المناعة ثم التعرض لأمراض جسدية، وبالنهاية سيؤدي إلى أكثر شيءٍ خطورة وهو الانتحار.
ختاماً مواجهة هذه الظاهرة واجبُ المجتمعِ كَكُلّ من أهل وأساتذة ونُظُم إلكترونية، وذلكَ عن طريق:
• مراقبة وسائل التواصل بين التلاميذ من قِبَل مشرفين مخصصين، ووَضع قوانين عليها.
• إقامة ندوات توعوية حول خطورة التنمر.
• معالجة المتنمرين نفسياً.
• تقديم الدعم المعنوي لطرفيّ التنمر.
اكتشاف المزيد من 10 لبنـــان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.