إخلاء تعسفي
كتبت سمر خميس
تراهم بالطرقات كثيراً مؤخراً، عائلة صغيرة أو أم مع أطفالها ممددين إلى جانب رصيف مهجور أو تحت إحدى الجسور الموحشة.
الكثير من الأمتعة والأغطية من حولهم، والحزن قد لبس أعينهم لكثرة الهموم التي أثقلت أجسادهم.
تجدهم مكورين على أنفسهم حول بعضهم، بأكف مضمومة وشفاه زرقاء ترتجف رغم حمرة خدودهم وأعينهم الناعسة مترقبة لأقل حركة من حولهم قد تكون السبب في طردهم مجدداً.
و كأن برد هذا الطقس وأوبئته لا تكفي قسوة عليهم كي يقرر أصحاب العقار طردهم منه بحجة أن ما يقبضه منهم لم يعد كافٍ.
عشرات وعشرات من العائلات تعاني من تلك الظاهرة بصمت.
أغلبهم بات مشرداً في الشارع يعاني البرد والحر مع أطفالهم وأمتعتهم، بين المتحرشين والخاطفين حتى بات النوم عندهم أمر غير وارد في سبيل حماية عائلتهم.
ظاهرة طرد المستأجرين من المنازل بدون عقد إيجار بينهم وبين صاحب العقار باتت متفشية بعد الازمات التي أصابت لبنان.
فبعض الملاك استغلوا الأمر متحججين بالأزمات وإرتفاع الأسعار، والبعض الآخر برر فعلتهم بالحاجة وبقسوة وضعهم أيضاً.
دون الأخذ بالإعتبار حاجة تلك العائلة لذلك العقار الذي يفتقر لأقل مقومات الحياة.
أياً كانت الأسباب كلها لا تبرر شكل الأطفال الماكثين في الشارع، متحلقين حول والدتهم يناجون الدفء منها في هذا البرد القارس بينما الأخيرة تبكي بصمت على حالهم وهي تضمهم مرتجفة معهم بتعب بينما تستمر بالتحديق من حولها خائفة.
“على الأقل كان في سقف يحمينا، هلق مافي غير الله ورحمتو” تردد الأم بحرقة وهي تشد على أطفالها متأملة أن تمر هذه الليلة على خير، حالها كحال أي ليلة شتوية أخرى كانو فيها ينامون بدفء وهناء في منزلهم غافلين عن كل تلك المعاناة.
اكتشاف المزيد من 10 لبنـــان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.