بقلم ليلى شحود – تيشوري.
كي لاتصبح سجوننا مثل سجون صيدنايا
لماذا زججتم بهم في السجون ؟
يقول احد الحكماء الظلم تسعة أعشاره عندنا في السجن ، وعشر يجوب العالم كله فاذا اتى الليل بات عندنا.
هذا هو حال سجوننا في لبنان نتيجة الهوة مابين القوانين والاتفاقيات الدولية ومابين الواقع التعيس حيث تكتب على جدران السجون كل أحزان العالم ، وألام البشر ، وآهات النفوس المكسورة ، والاحلام المندثرة ، والامنيات المشتتة مما يحدو بنا الى السؤال لماذا زججتم بالمرتكبين باعماق السجون ، اوليس لتمنحونهم هوية انسانية مختلفة ؟ ولتجعلوا منهم أفرادا صالحين في المجتمع ؟ ام ان المسألة لاتعدو عن العقاب دون ان ينجم عنه اية نتائج تنعكس ايجابا على المجتمع؟
اذا كان الامر يتضمن العقاب والتأهيل معا بما لاينتهك انسانية السجين كالتعذيب ، وظروف السجن القاسية ، وغياب الشروط الصحية والنفسية والاخلاقية الملائمة لاقامة السجين في مقره الالزامي ، فهلموا الى اداء وممارسة مختلفة ليتحول السجين الى انسان فعال منتج ، ومواطن جيد متيقن بأن السلام هو منارة الحياة للعيش بأمان وأستقرار وطمأنينة وكفى تشدقا بحقوق الانسان وهي منتهكة انتهاكا سافرا يحول المجرم اكثر اجراما والحاقد أكثر حقدا على المجتمع ، مما يدفعه الى مزيد من الارتكاب ، اولايعني ذلك ايضا ، اننا ننتهك المجتمع برمته ؟ اولايعني ذلك اننا نزيد من أزماتنا في ظل انحدار سلم القيم الاجتماعي ؟ وزدياد ظاهرة الجريمة ؟.
ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان وكل المواثيق الدولية قد وضعت التوصيات والنصوص وأبرمت الاتفاقيات حول الكثير من الامور المتعلقة بحقوق الانسان ، ومنها حقوق السجناء ، حيث تتمحور الاخيرة على معاملة السجين معاملة تحفظ كرامته كانسان يتمتع بقيمة بشرية وانسانية ، بدءا من مكان السجن ومنتفعاته والحق في النوم ليلا بمكان منفصل عن الاخرين ، والفصل بين أنواع السجناء لجهة الجرم والنوع والعمر ، او لجهة التفريق بين المسجونين احتياطيا وبين المحكومين ، مرورا بتوفير عناصر الحياة السليمة داخل السجن ، من مناخ ، ونظافة ، وتوفير المراحيض ومستلزماتها بما يحافظ على النظافة الشخصية للمساجين ، والزامهم الحرص عل نظافتهم الشخصية ، اضافة الى توفير الطعام المغذي والصحي لهم ، واجراء التدريبات الرياضية بالشمس والهواء الطلق ، وتأمين المياه النظيفة ، والحق في التواصل مع ذويهم ، واحترام معتقداتهم الدينية والسياسية ، والحق في احترام حقوقهم دون تمييز ، ناهيك عن توفير الخدمات الصحية والطبية والنفسية الجيدة ، وعدم استخدام أدوات تقييد الايدي او الارجل على غرار المظاهر التي كانت سائدة في القرون الوسطى ، كالاغلال وغيرها ، اضافة الى حق السجين في الاطلاع على المعلومات وتقديم الشكاوى ، وتزويده بشروط السجن لعدم مخالفتها والتعرض لعقوبات اخرى . اضافة الى التعليم والتثقيف والترفيه والعلاج النفسي والسلوكي ، وخلق الحوافز والامتيازات لمن يلتزم بحسن السلوك على كافة المستويات
فأين نحن من ذلك في سجون لبنان المكتظة التي لاتقوم بتصنيف المساجين ، اين هي النزهة اليومية ، اين هي العناية الصحية والبيئية ، اين هي الانشطة الاجتماعية والاجتماعية والاقتصادية ، اين هي سهولة اجراء الزيارات ؟ اين هي الابنية النموذجية والغرف الكافية والاسرة والقاعات والهندسة العامة والتجهيزات الفنية ؟ واين هي المحاكمات السريعة للبت بأمر الموقوفين احتياطيا والمزجوجين في السجون الى مواعيد غير محددة ، وبزمن مفتوح لايعلم غير الله سبحانه وتعالى نهايته ؟ واين نحن من علم ادارة السجون الحديث والمتطور والمعتمد بكل الدول التي تدرك أهمية تأهيل واصلاح السجين وجعله مواطنا صالحا ؟ ومتى تتوفر الارادة الجدية في بلادنا لاصلاح تأجل لعقود طويلة من الزمن ؟
اسئلة نتمنى ان تدق ناقوس الخطر على مسامع المسؤولين ، متوجهين الى كل السلطات المعنية التشريعية والتنفيذية والقضائية كي يعملوا وبالسرعة القصوى على جعل السجون مكان النهوض بالانسان وليس تكريس انحرافه وانحداره واضطهاده ، فالمساجين ليسوا حجارة ترمى في أعماق البئر وننساها ، انهم بشر يجدر بنا احترام انسانيتهم ، ومد يد العون لهم لكي يعودوا الى بر الامان .
اكتشاف المزيد من 10 لبنـــان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.