
نص كلمة نائب الجماعة الإسلامية الدكتور عماد الحوت في مناقشة البيان الوزاري للحكومة:
أُثمّن ما ورد في البيان الوزاري من إعلان نوايا، ولكن كان من واجب الحكومة أن تضمّن البيان أهدافاً واضحةً وقابلة للتقييم، حتى نتمكن أيضاً من المساءلة والمحاسبة المنصفة.
بناء دولةِ القانون.
يستدعي ذلك من الحكومة مواجهة شبكات الفساد العميقة التي اجتاحت مؤسسات الدولة، لتعيد للمواطن ثقةً فُقدت مع مرور الزمن.
فكيف ستواجه الحكومة المحسوبيات التي تقوّض كفاءة الإدارة؟
وما هي الآليات الشفافة للمحاسبة وضمان عدم الإفلات من العقاب؟
التحدي هو أن تتحوّل صيغة “نريد” إلى “سوف نفعل”؛ فالكلمات والأمنيات وحدها لا تكفي.
مسؤولية الدولة وحدها عن أمن البلاد.
هذا أمرٌ جيدٌ ومطلوب، ولكنه التزامٌ يبقى نظرياً ما لم تتوفر خطةٌ عمليةٌ واضحة لتنفيذه.
هل هناك رؤيةٌ متكاملةٌ لحماية الحدود من الخروقات الإسرائيلية المستمرة ومن تفلّت العدو من الإلتزام بالاتفاقيات الدولية؟
كيف ستتعامل الحكومة مع مسألة تسليح الجيش اللبناني في ظل القيود التي تفرضها بعض الدول على أنواع معينة من السلاح؟
هل سيبقى الأمر مرهوناً بالمعونات المشروطة بخطواتٍ سياسية وليس إصلاحية؟
نحن أمام عدوٍ ذو طبيعةٍ إحتلالية وعدوانية وإجرامية، وهذا يستدعي تطوير مفهوم المقاومة لتتحول إلى استراتيجية أمنٍ قومي تشمل بناء مجتمع قيم متماسك، وبناء وعيٍ إعلامي وثقافي حول المخاطر التي تواجه لبنان، وبناء اقتصادٍ مزدهر ومستقر يؤمّن رفاهية المواطن واحتياجاته، وبناء دولةٍ عادلةٍ تقوم على النزاهة وتأمين الحقوق وصاحبة استراتيجية دفاعية لمواجهة أطماع العدو.
استعادة الأموال المنهوبة وتفعيل قانون الإثراء غير المشروع.
ما هي الآليات التي ستعتمدها الحكومة لضمان استعادة الأموال المنهوبة وتفعيل قانون الإثراء غير المشروع وهما العنوانان الغائبان عن البيان الوزاري؟
كيف ستتعامل الحكومة مع شبكات الفساد التي أصبحت مترسّخة داخل مؤسسات الدولة، والتي كانت سبباً رئيسياً في الأزمة الاقتصادية والمالية الراهنة؟
التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
التجارب السابقة أظهرت أن التفاوض مع الصندوق غالباً ما يأتي بشروطٍ لها تأثيرٌ سلبي على الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع.
هل هناك خطة لاحتواء التداعيات الاجتماعية لأي اتفاق مع صندوق النقد؟
هل سيكون التفاوض على أسسٍ جديدة، أهمّها تخفيف الشروط، وزيادة التدفقات النقدية.
أموال المودعين المحجوزة لدى المصارف؟
ما هو مصير أموال المودعين المحجوزة لدى المصارف؟
ما هي المعايير الدولية التي وردت في البيان الوزاري ؟
ما هي المدة الزمنية لمعالجة هذا الملف؟
هل تتعهد الحكومة بمحاسبة من أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه، أو من هرّب المال العام والودائع من أهل الدولة، أو من خدع النّاس وأوهمهم على مدى سنوات بأن لا خوف على الليرة اللبنانية ليستفيق اللبنانيون بعدها على أكبر عملية نهب ممنهجة.
إجراء الانتخابات النيابية والبلدية في مواعيدها.
هل ستقدم الحكومة أي معالجات للثغرات التي شابت الانتخابات السابقة ؟
هل هناك نيّة جِديّة لتعديل القانون الإنتخابي ليكون أكثر عدالةً وتمثيلاً أم أننا سنبقى أمام قوانين فُصّلت وتُفصّل على مقاس القوى السياسية النافذة؟
كيف ستتعامل الحكومة مع مطلب خفض سن الاقتراع إلى 18 عاماً، وهو مطلب شعبي طال انتظاره؟
هل ستعمل الحكومة على ضمان إستقلالية المجلس الدستوري وعدم تدخل القوى السياسية في قراراته بشأن الطعون الانتخابية؟
تطبيق ما لم يطبّق من إتفاق الطائف.
لماذا لم يأتِ البيان على ذكر واحد من أهم ما لم يطبّق وهي اللامركزية الإدارية؟
هل هناك خطة حكومية واضحة لتطبيق اللامركزية الإدارية بما يتيح للمناطق اللبنانية صلاحيات أكبر في إدارة شؤونها التنموية؟
كيف ستتعامل الحكومة مع مخاوف البعض من أن تؤدي اللامركزية إلى تعميق الانقسامات الطائفية والمناطقية؟
كيف ستتم حماية اللامركزية من الوقوع في فخّ المحسوبيات والفساد، خاصةً أنّ العديد من البلديات تعاني من سوء الإدارة؟
يعاني كثير من اللبنانيين من الفقر والبطالة وغياب الحماية الإجتماعية، حيث تآكلت قيمة الرواتب وارتفعت تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق.
لا يمكن للحكومة في بيانها الوزاري الاكتفاء بالحديث عن برامج استهداف الأكثر فقراً، المكلفة مالياً وقليلة الفعالية.
كان من الواجب عليها أن تعرض خطتها لإطلاق التغطية الصحية الشاملة، ومعالجة الحدّ الأدنى للأجور، وبرامج التقاعد، والمنح المخصّصة للأطفال وكبار السن، وإنشاء صندوق لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي يفترض تأمينها وتمويلها بوصفها حقوقاً لا مساعدات.
تبني نهج “تحييد لبنان عن صراعات المحاور”.
هذا مهم للحفاظ على إستقرار البلاد.
هل ستستطيع الحكومة تطبيق سياسة خارجية متوازنة في ظلِّ الإنقسام الداخلي والتجاذبات الدولية والإقليمية وفي ظل التدخلات والضغوط؟
هل ستستطيع الحكومة أن تضمن عدم الانتقال من هيمنة إلى هيمنة أخرى؟
هل ستقوم ببناء الوعي بطبيعة العدو الإسرائيلي العدوانية والاحتلالية ورفض كل أشكال التطبيع معه، هل ستحصّن القرار السياسي اللبناني من التدخلات الخارجية ؟
هل ستقوم ببناء علاقات دولية متعددة بحيث لا يكون لبنان رهينة لمحور معين بل يعتمد سياسة انفتاحٍ متوازنة؟
تعزيز القضاء وإصلاح شؤونه تستحق هذه الفقرة التقدير ولكنني أطالب الحكومة حتى تكتمل منظومة الإصلاح القضائي .
بأن تتعهد بإلغاء صلاحية المحكمة العسكرية النظر بقضايا متعلقة بالمدنيين وحصر مهامها بالعسكريين، وإحالة المدنيين الى القضاء العدلي المختص .
وضع خطة للنهوض بالسجون وتحويلها من بيئة مشجعة على الإجرام إلى بيئة إصلاحية للمسجونين .
التعهد بإنهاء ملف الموقوفين الإسلاميين المطلومين.
أما إلغاء التمييز، فأول مبادرة في هذا الإتجاه ينبغي أن يكون بإعطاء المرأة اللبنانية حق إعطاء الجنسية لأبنائها.
وفيما يتعلّق بالأحوال الشخصية فينبغي التنبه إلى أنها ليست مجرد قانون وإنما هي جزء من تشريعات الإسلام تماماً كالصلاة والصيام لن يقبل المسلمون التلاعب به أو بدينهم.
بيروت.
لطالما كانت بيروت القلب السياسي والاقتصادي والثقافي للبنان، لكنها تعاني اليوم من نتائج سياساتٍ غير متوازنة تهمّش مطالب العاصمة وتحرمها من المشاريع الضرورية لإنعاشها فباتت تعاني من تدهورِ البنية التحتية، وغياب الخدمات، وتراجع مستوى الاستثمار، وتهميش الدور.
والمطلوب من الحكومة:
التعهد بإطلاق المشاريع التنموية في العاصمة .
تطوير البنية التحتية .
تحسين شبكات النّقل .
إدراج بيروت في أي خطة إنقاذ إقتصادي .
إنعاش قطاع الأعمال والتجارة فيها .
تعزيز صلاحيات بلدية بيروت، ومنحها ميزانياتٍ أكبر لإدارة شؤون العاصمة بشكل أكثر كفاءة.
يحمل البيان الوزاري عناوين إيجابية، ولكن نجاح الحكومات لا يُقاس بالكلمات بل بالخطط والأفعال. وكنا نتوقع من هذه الحكومة المليئة بالكفاءات خطة تنفيذية واضحة بآليات وجدول زمني.
ولأنني ومن أمثِّل، لا نرغب في حجب الثقة عن حكومة العهد الأولى والتي شاركتُ عن قناعةٍ في تسمية رئيسها…
ولأنني لدي أسئلة كثيرة لا أجد لها أجوبة في البيان الوزاري، فإنني سأكتفي بالامتناع عن التصويت، إفساحاً في المجال للحكم على الخطط والأفعال وليس الأقوال، متمنياً لها النجاح، واعداً أن أكون تجاهها ناصحاً أميناً ومراقباً منصفاً وداعماً صادقاً لكل ما هو في مصلحة الوطن والمواطن، ومعارضاً لكل ما هو تجاوز لحقوق المواطنين أو لدولة القانون والمؤسسات التي نريد.