دراسة قانونية وإنسانية حول وجوب إطلاق سراح الموقوفين الإسلاميين من سجن رومية بسبب عدم محاكمتهم
مقدمة
تُعتبر قضية الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية من أبرز القضايا التي تُثير الجدل في لبنان، نظراً لما تتضمنه من انتهاكات لحقوق الإنسان والضمانات الدستورية. تتناول هذه الدراسة الجانب القانوني والإنساني لمسألة استمرار احتجاز هؤلاء الموقوفين دون محاكمتهم لفترات طويلة، وتأثير ذلك على العدالة وسيادة القانون.
الجزء الأول: الإطار القانوني
- مخالفة الدستور اللبناني
ينص الدستور اللبناني في المادة 8 على أن “الحرية الشخصية مصونة، ولا يمكن تقييدها إلا وفق القانون”. وبما أن العديد من الموقوفين الإسلاميين محتجزون منذ سنوات دون محاكمة، فإن ذلك يُعد انتهاكاً صارخاً للضمانات الدستورية، حيث لا يجوز إبقاء أي شخص محتجزاً دون محاكمة عادلة وفي وقت معقول. - انتهاك مبدأ “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”
يُعتبر هذا المبدأ من أهم أسس العدالة الجنائية. ومع ذلك، فإن احتجاز الموقوفين الإسلاميين لفترات طويلة دون محاكمة ينقلهم عملياً من مرحلة الاتهام إلى حالة العقوبة، ما يتعارض مع القواعد القانونية والإنسانية المعمول بها. - المواثيق الدولية
يلتزم لبنان بالعديد من الاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق الموقوفين، منها:
• العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 9): التي تنص على حق كل فرد في المحاكمة العادلة خلال وقت معقول أو الإفراج عنه.
• اتفاقية مناهضة التعذيب: التي تحظر الاحتجاز التعسفي والمعاملة غير الإنسانية. - قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني
تنص المواد المتعلقة بالاحتجاز الاحتياطي على وجوب البت في ملفات الموقوفين بسرعة، مع تحديد فترات زمنية واضحة للاحتجاز قبل المحاكمة. استمرار احتجاز هؤلاء الموقوفين دون مبرر قانوني يُعتبر تجاوزاً لهذه النصوص.
الجزء الثاني: الأبعاد الإنسانية
- معاناة الموقوفين
الاحتجاز الطويل دون محاكمة يؤدي إلى أضرار نفسية وجسدية جسيمة للموقوفين، مثل:
• الاكتئاب والقلق المزمن: نتيجة عدم وضوح مستقبلهم القانوني.
• تدهور الحالة الصحية: بسبب ظروف السجن السيئة ونقص الرعاية الطبية. - تأثيرات على عائلات الموقوفين
تعاني عائلات الموقوفين من ضغوط نفسية واجتماعية واقتصادية كبيرة نتيجة غياب المعيل، ما ينعكس سلباً على النسيج الاجتماعي للمجتمع اللبناني. - الإضرار بسمعة العدالة في لبنان
استمرار هذه الممارسات يُضعف ثقة المواطنين في النظام القضائي ويُظهر لبنان كدولة غير قادرة على احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.
الجزء الثالث: التوصيات
- ضرورة الإفراج الفوري عن الموقوفين
إطلاق سراح الموقوفين الذين تجاوزت مدة توقيفهم الحدود القانونية دون محاكمة.
إخضاعهم للإقامة الجبرية أو المراقبة القضائية كبدائل قانونية لحين النظر في قضاياهم. - تسريع المحاكمات
تخصيص لجان قضائية استثنائية للنظر في قضايا الموقوفين الإسلاميين وإتمام محاكماتهم ضمن فترة زمنية محددة. - تحسين ظروف الاحتجاز
• ضمان توفير الرعاية الصحية والنفسية للموقوفين.
• تخفيف الاكتظاظ في سجن رومية لتحسين أوضاع الاحتجاز. - تعديل التشريعات
إجراء إصلاحات قانونية تمنع الاحتجاز المطول دون محاكمة، مع تحديد سقف زمني واضح للاحتجاز الاحتياطي.
خاتمة
إن استمرار احتجاز الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية دون محاكمة لا يشكل فقط انتهاكاً للقانون اللبناني والمواثيق الدولية، بل يُعتبر جرحاً للعدالة والإنسانية. إن إطلاق سراحهم أو تسريع محاكماتهم ضرورة حتمية لحماية حقوق الإنسان ثقة المواطنين في النظام القضائي اللبناني.
https://www.facebook.com/share/19gvyNst18/?mibextid=wwXIfr
اكتشاف المزيد من 10 لبنـــان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.