في 23 نيسان/أبريل 2022 ، غرق قارب على متنه حوالي 80 شخصاً معظمهم لبنانيين وأيضاً سوريين وفلسطينيين، كانوا متوجهين نحو قبرص قبالة سواحل طرابلس. في اليوم التالي، أعلن الجيش اللبناني أن عدد الناجين وصل إلى 45. في حين تم العثور على سبع جثث، بما في ذلك جثة طفلة تبلغ من العمر 40 يوماً، لا يزال الركاب الباقون في عداد المفقودين.
سرعان ما اتهم المسؤولون اللبنانيون المهربين في تهورهم وتعمدهم تحميل القارب زيادة عن حمولته وتجنب إتخاذ احتياطات السلامة. واعتقلت السلطات القبطان المزعوم للقارب قبل الإفراج عنه بعد أيام قليلة.
في المقابل، روى ناجون في وسائل إعلام مختلفة حول ما حدث لهم وأسباب الغرق، التي قالوا إنها ناجمة بشكل مباشر عن تدخل القوات البحرية اللبنانية. وأوضح الناجون أن طراداً حاول إيقاف القارب قبل أن يصل إلى المياه الدولية، واتهموا البحرية اللبنانية بتعمد الاصطدام بالقارب أثناء محاولتها إجبارهم على العودة إلى الشاطئ. وذكر الجيش بدوره أن القارب كان محملاً فوق طاقته وأن القبطان أجرى مناورات مراوغة كانت سبب الاصطدام.
وقال مسؤولون رفيعو المستوى، بمن فيهم رئيس الجمهورية ميشال عون، إنه يجب التحقيق في الحادث بسبب “الروايات المتضاربة للأحداث”.
في 26 نيسان/أبريل 2022 أعلن الجيش اللبناني أن مديرية المخابرات اللبنانية ستكون مسؤولة عن إجراء التحقيق بناء على طلب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي.
بالنظر إلى إدعاءات الناجين بأن البحرية اللبنانية كانت مسؤولة عن غرق الزورق في 23 نيسان/أبريل، نرى أن مديرية المخابرات العسكرية لا ينبغي أن تكون الجهة المسؤولة عن التحقيق في سلوك أفراد البحرية اللبنانية حيث لا يمكن اعتبارها “مستقلة وغير متحيزة” بالمعنى المقصود في بروتوكول مينيسوتا بشأن التحقيق في حالات الوفاة التي يحتمل أن تكون غير مشروعة.
بموجب بروتوكول مينيسوتا، “يجب أن يكون المحققون وآليات التحقيق مستقلين عن أي تأثير لا موجب له، ويجب أن يظهر ذلك جلياً للعيان. ويجب أن يكونوا مستقلين من الناحيتين المؤسسية والرسمية وكذلك في الممارسات والتصورات، في جميع المراحل.”
كما نود أن نذكّر بأن نظام القضاء العسكري اللبناني، الذي أُنشئ بموجب القانون رقم 24 تاريخ 13 نيسان/أبريل 1968 (قانون القضاء العسكري)، هو نظام قضائي استثنائي يخضع لسلطة وزير الدفاع الوطني. في ملاحظاتها الختامية لعام 2018، سلطت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان الضوء على ” افتقار قضاة المحاكم العسكرية المزعوم للاستقلالية والنزاهة ” في لبنان.
أخيراً، يجب التذكير بأن الأطراف المتضررة من الجرائم التي تقع ضمن اختصاص القضاء العسكري يحق لها فقط اللجوء إلى القضاء المدني لطلب التعويض. ولا يحقّ للمتضرر (الضحية) اتخاذ صفة الادّعاء الشخصيّ أمام القضاء العسكري، اذ تنحصر صلاحية هذا الأخير بدعوى الحق العام.
وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن 1.570 فرداً من بينهم 186 لبنانياً، قد شرعوا أو حاولوا الشروع في رحلات بحرية من لبنان بين كانون الثاني/يناير وتشرين الثاني/ نوفمبر 2021.
في ضوء ما تقدم، فإن المنظمات الموقعة أدناه، تدعو السلطات اللبنانية إلى إجراء تحقيق سريع ومستقل وشامل في أسباب غرق القارب وسلوك البحرية اللبنانية في 23 نيسان/أبريل 2022. في حال إجراء محاكمة، يجب ضمان احترام الأصول القانونية الواجبة.
كما نود أن نشير إلى أن الجرائم العادية التي يرتكبها العسكريون أثناء الخدمة يجب أن تُحاكم في المحاكم العادية. يجب استخدام المحاكم العسكرية فقط لمحاكمة العسكريين على خرق الانضباط العسكري، مثل الفرار من الخدمة العسكرية والعصيان، مع استبعاد انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي.
أخيرًا، في سياق الانتخابات العامة لعام 2022، نحث أيضاً الحكومة المقبلة على ضمان طرق هجرة آمنة، بالتعاون مع شركائها الدوليين. يجب أن يتمكن المواطنون اللبنانيون الذين يرغبون في مغادرة البلاد من الحصول على وثائق سفر دون أي قيود.
قائمة الموقعين:
منّا لحقوق الإنسان، المركز اللبناني لحقوق الإنسان، مركز الدفاع عن الحقوق والحريات المدنية، جمعية حلم، جمعية شمس بيروت، مركز سيسفاير لحقوق المدنيين، المفكّرة القانونية، منظمة العفو الدولية.
اكتشاف المزيد من 10 لبنـــان
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.