بصيرٌ ضرير
الموتُ صمتٌ جهيرُ
يحدوهُ وعدٌ عسيرُ
والعمرُ طرفةُ عينٍ
يحطُّ ثمّ يطيرُ
وميضُ برقٍ ويخبو
مهما استطال قصيرُ
لا شيءَ يدفعُ عنّا
متى يحينُ المصيرُ
علّ المماتَ خطيرٌ
والعيشُ حتمًا خطيرُ
سحابُهُ ماكرُ الغيْـ
مِ خلّبٌ لا مطيرُ
لا مالَ لا جاهَ يُجدي
خابَ الثراءُ الوفيرُ
خلتُ الحياةَ خلودًا
ولو توالتْ دهورُ
وبهجةً ونضارًا
في الحسنِ ليس يحورُ
أتيهُ غربًا وشرقًا
طوعَ الحياةِ أدورُ
ولازدهارِ حلاها
ظننتُ أنّي وزيرُ
هنا هيامٌ ينادي
هنا غرامٌ مثيرُ
هنا تموجُ العذارى
هنا حِسانٌ وحورُ
وصبوةُ العشقِ تغلي
في مهجتي وتفورُ
أعوذُ باللهِ منها
إنّ الغوى مدحورُ
أعوذُ بالله مني
إن الهدى منصورُ
ما زلتُ أعشقُ عمري
والعيشُ غضٌّ حريرُ
نهرٌ يفيضُ غزيرًا
على الدوامِ غزيرُ
وإذ يجفُّ وينضو
وفي المشيبِ يغورُ
ولّى الشبابُ ووافى
شيبٌ غشاهُ نذيرُ
كأنّما الشيبُ لِلمَو-
تِ في الأُناسِ سفيرُ
حسبتُ لي عينَ صقرٍ
أني حصيفٌ بصيرُ
أرى المداراتِ حولي
أرى، ولكن ضريرُ
أما المنيّةُ غيبٌ
على الورى محظورُ؟!
أكنتُ مُذ كنتُ أعشى
أمِ الفؤادُ حسيرُ؟!
لا ليس تكفي عيونٌ
والعقلُ غرٌّ غريرُ
فرط اشتدادِ ذهولي
قالوا أتى السكّيرُ
قلتُ العرافةُ تجدي
فعَقّني التبصيرُ!!
على لسانِيَ قيدٌ
حبيسُهُ التعبيرُ!!
كان الفتاءُ نميرًا
واليومَ غيضَ الغديرُ
يا عمرُ هل ضقتَ ذرعًا
بالعيشِ وَهْوَ نضيرُ
عرا غصونَكَ وهْنٌ
والحقلُ خِصبٌ خضيرُ
والشمسُ تسطعُ حبًّا
فالحبُّ كالشمسِ نورُ
نِعماهُ للخلقِ نُعمى
لها تغنّي الطيورُ
فما عدا أو بدا كيْـ
ـما يعتريك نفورُ
فهل سئمتَ وجودي
بِمَوتَتي تستجيرُ
يا صبرُ أنتَ طبيبي
مِن أين ليْ التّصبيرُ؟!!
لكَمْ غُرِرتُ بدنيا
يجوسُ فيها الزّورُ
أكنتُ آنسُ طيشي
أم أنني مسحورُ
حبيسُ غيٍّ وبلوى
وفيهما محجورُ
أمِ البلاءُ نصيبي
وللبِلى منذورُ
حلّ الرحيلُ عجولًا
حقّ الأفولُ المريرُ
بالموتِ يُقضى مسيرٌ
ويُستهلُّ مسيرُ
ماذا أقولُ وإنّي
طيَّ السوادِ أسيرُ
في قيدِ حتفٍ طواني
يا نفسُ غاب السرورُ
قَرّي وصبرًا جميلًا
ما خابَ قطُّ الصبورُ
وأقرِني الحمدَ شكرًا
فاز العبَيدُ الشّكورُ
أخشى أُصيبُ غدًا يَو-
مًا شرُّهُ مستطيرُ
تهبُّ فيه الخطايا
كأنها زمهريرُ
أكانَ سعييْ رياءً
فاستُكثِرَ القِطميرُ؟!!
من أين لي بصلاةٍ
أداؤُها مأجورُ؟!!
وأينَهُ لشقائي
سعيُ التقى المبرورُ
أسدُّ بعضَ ديوني
عسى تُوَفّى النذورُ
وهَبْ غلا المهرُ، مرحى
ولو تُغلّى المهورُ
بالحقِّ للحقِّ أصبو
ونبضُ روحي طهورُ
يا لحدُ رفقًا بحالي
أدري فأنت السريرُ
أجبْ رجائِيَ قلْ ليْ
أما لديكَ حصيرُ
وحدي أنيسيَ خوفي
وعزّ ثَمّ سميرُ
أدركتُ أني حقيرٌ
بَلى حقيرٌ حقيرُ
الدّودُ أمسى نديمي
بئسَ النجِيُّ العشيرُ
يعيثُ في العظمِ نخرًا
ملءَ انشراحٍ يمورُ
إن قلتُ يا دودُ مهلًا
ويلاهُ كيفَ يثورُ
كالجيشِ في إثرِ جيشٍ
على رُفاتيْ يُغِيرُ
يا خوفُ دعني قليلًا
عسى يفيقُ الضميرُ
وها هما أتَياني
ذا منكرٌ ونكيرُ
إن المقامَ رهيبٌ
يرتاعُ منهُ الجسورُ
كأنّ أقوى قوِيٍّ
صعلوكُ حالٍ نَقِيرُ
الشعرُ تخرسُ رعبًا
أوزانُهُ والبحورُ
والكلُّ يشكو وجومًا
فرزدقٌ وجريرُ
هذا نحيبُ ضلوعي
من الظّنونِ تخورُ
ربّاهُ أسعِف لساني
ما لي سواك نصيرُ
أنطِقْهُ بالحقِّ ربّي
إنّ السؤالَ كبيرُ
وما لديهِ كبيرٌ
كلٌّ مَهينٌ صغيرُ
أشكو إليك افتقاري
رحماكَ غابَ الظّهيرُ
وأنت أدرى بحالي
أنت العليمُ الخبيرُ
بك استجرتُ أجِرني
ربّي فأنتَ المجيرُ
إنْ قلتَ كُنْ لا سواها
إذا العسيرُ يسيرُ!!
أرجوك عونًا وغوثًا
إني إليكَ فقيرُ
عسى أفوزُ إلهي
متى يكونُ نشورُ
رباهُ حمدًا وشكرًا
فالفضل منكَ كثيرُ
العفوُ منك مرادي
أجِبْ أجِبْ يا غفورُ
لي مرتجى ذاتَ بعثٍ
وليت حقًّا يصيرُ
شفاعةٌ من حبيبٍ
بهِ يطيبُ الكسيرُ
محمّدٌ نورُ قلبي
به الفؤادُ قريرُ
وسيّدٌ وإمامٌ
للمرسلينَ أميرُ
بنظرةٍ منه تُرجى
يجتاحني التبشيرُ
إليهِ أهدي صلاتي
والآلِ، نِعم البشيرُ
باسم أحمد قبيطر – إسبانيا🌴