الوحدة الإسلامية في فكر فتحي يكن: مقاربة من لبنان

بقلم: الصحافي محمود النابلسي خرّيج كلية الآداب، جامعة الجنان

تُمثّل قضية الوحدة الإسلامية أحد أبرز العناوين التي انشغل بها الشيخ فتحي يكن، رائد الصحوة الإسلامية في لبنان، ليس كشعار عاطفي، بل كمشروع متكامل يسعى لبناء أمة متماسكة قادرة على النهوض ومواجهة أزماتها. ومن موقع انتمائي الأكاديمي كأحد أبناء جامعة الجنان، سأتناول رؤية الشيخ يكن من زاوية لبنانية ذات امتداد إسلامي.

الوحدة عند فتحي يكن: بين العقيدة والواقع

رأى الشيخ يكن رحمه الله أن الانقسام بين المسلمين ليس قدرًا، بل نتيجة لغياب الرؤية الوحدوية. فالعقيدة الإسلامية كما أكّد تُمثل الجامع الأول، حيث دعا إلى التمسك بالأصول القرآنية والسنّة، مع احترام التعدد الفقهي دون تحويله إلى ساحة صراع.

سياسيًا، كان الداعية يكن من القلائل الذين سعوا إلى توحيد الحركات الإسلامية العابرة للحدود، مؤمنًا بأن أي مشروع نهضة إسلامية لا يمكن أن ينجح في ظل التشرذم والاصطفافات الحزبية الضيقة.

اجتماعيًا وثقافيًا، شدد على دور الأُخوة والتكافل، وضرورة تجاوز الهويات الضيقة لصالح الهوية الإسلامية الجامعة، دون أن يُغفل أهمية اللغة العربية والوعي الحضاري في ترسيخ هذا المشروع.

أدواته لتحقيق الوحدة

عَمِل الشيخ يكن على تجسيد فكرته من خلال الحوار بين التيارات، والانفتاح المدروس، والعمل المشترك في ميادين التعليم والدعوة والإغاثة. وقد كان من دعاة الوسطية والتسامح، رافضًا كل أشكال التعصب والتكفير.

أثره في لبنان والعالم الإسلامي

في بلد متعدد كلبنان، استطاع فكر فتحي يكن أن يُحدِث أثرًا لافتًا في تجسير الهوة بين مكونات إسلامية متنوعة. كما تجاوز صدى فكره الحدود ليشكّل مصدر إلهام لحركات وشباب في العالم العربي والإسلامي، في سبيل بناء مشروع وحدوي متوازن وعملي.

ختامًا

لقد ترك الشيخ فتحي يكن إرثًا فكريًا غنيًا يُعد مرجعًا في فقه الوحدة الإسلامية المعاصرة، ويستحق أن يُعاد قراءته في ضوء ما تواجهه الأمة اليوم من تمزق. وبوصفي ابن هذه الجامعة التي تربيت في أروقتها على الفكر الواعي، أجد في تجربته دعوة متجددة للعمل الجاد نحو وحدة تتجاوز الشعارات إلى بناء حضاري حقيقي.