
التحول الرقمي دونه عقبات في لبنان
بقلم ليلى شحود تيشوري
في الوقت الذي يتجه فيه العالم نحو التحول الرقمي بشكل متسارع، وتشهد الدول المحيطة بلبنان تطورا كبيرا في هذا المجال، لا يزال لبنان يعاني من التباطؤ وعدم التقدم. التحول الرقمي يعني ان تستعمل الدولة التكنولوجيا الحديثة مثل الكومبيوتر والانترنت بدل الاوراق والمعاملات اليدوية، والهدف منه هو تسهيل حياة الناس وتقديم الخدمات بشكل اسرع واسهل واوضح.
بهذه الطريقة، لا يحتاج المواطن الى التنقل من مكتب الى آخر او حمل ملفات واوراق كثيرة، بل يمكنه ان ينجز معاملاته من هاتفه او حاسوبه وهو في بيته. هذا الامر يساعد على تقليل الفساد ويوفر الوقت والمال ويجعل العمل اكثر شفافية وتنظيما.
لكن في لبنان، ورغم كثرة الحديث الرسمي عن اهمية التحول الرقمي، الا ان التقدم في هذا المجال بطيء جدا. والاسباب لا تقتصر فقط على ضعف الانترنت او قلة الاجهزة، بل تعود ايضا الى مشاكل اعمق في طريقة ادارة الدولة.
النظام السياسي في لبنان مبني على المحاصصة الطائفية والحزبية، وهذا النظام لا يشجع الشفافية، لان التحول الرقمي يجبر الادارات على ان تكون منظمة وواضحة، وهذا لا يناسب بعض القوى … التي تستفيد من الفوضى والفساد.
اضافة الى ذلك، الانترنت في لبنان ضعيف وكلفته مرتفعة، والدوائر الرسمية تفتقر الى الاجهزة والبرامج الحديثة، ولا يوجد تنسيق فعلي بين الوزارات، مما يؤدي الى تكرار البيانات وعدم دقتها. ايضا، كثير من الموظفين لا يملكون المهارات اللازمة للتعامل مع التكنولوجيا بسبب غياب التدريب، في حين يغادر الخبراء البلاد بحثا عن فرص افضل بسبب الوضع الاقتصادي المتردي.
من جهة اخرى، القوانين المتعلقة باستخدام التكنولوجيا ما زالت قديمة، ولا توجد تشريعات حديثة تحمي المعلومات الشخصية او تنظم التوقيع الالكتروني، مما يقلل ثقة المواطن في الخدمات الرقمية ويمنعه من استخدامها.
ورغم ان بعض الدول والمنظمات قدمت مساعدات للبنان من اجل دعم مشاريع التحول الرقمي، الا ان هذه المشاريع لم تنجح كما يجب، بسبب غياب خطة موحدة، وضعف التنسيق، وعدم وجود رقابة فعالة.
في النهاية، مشكلة التحول الرقمي في لبنان ليست مجرد مشكلة تقنية او مالية، بل هي انعكاس لطريقة عمل الدولة ككل.
هذا المسار يحتاج الى ارادة سياسية جدية، بيئة مستقرة، وتعاون حقيقي بين جميع الجهات، والا سيبقى التحول الرقمي مجرد شعار جميل من دون اي نتائج فعلية.