ماذا كتب الأستاذ وليد كرامي بمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين لاستشهاد الرئيس رشيد كرامي

بمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين لاستشهاد الرئيس رشيد كرامي

بقلم المهندس وليد معن كرامي

لا تفي الكلمات حقّ الشهيد رشيد كرامي، فاستشهاده لم يكن صفحة تُطوى في سجل الوطن، بل شعلة أضاءت درب لبنان في أحلك أوقاته ورغم رحيل الجسد، بقي إرثه حيًا متجذرًا في مشروع وطن واحد موحّد، سيّد، حرّ، عربيّ، مستقل، يرفض أن يكون غنيمة المتآمرين أو سوقًا للمتاجرين بالسيادة.

لم يكن رشيد كرامي سياسيًا عابرًا، بل رجل دولة ومؤسسات، صلبًا في مواقفه، مؤمنًا بالحوار سبيلاً لحفظ الوحدة وصون الشراكة.
لم يساوم في الثوابت، ولم يسعَ إلى مكاسب ضيّقة، بل عمل على بناء أرضية وطنية جامعة تتقدم فيها المصلحة العامة على كل الحسابات الضيقة.

كان يرى أن الحياد خيانة حين يُنتهك العدل، وأن فلسطين ليست قضية حدود فحسب، بل قضية هوية وكرامة ووجود في وجه المشروع الصهيوني التوسّعي الذي يهدد مقدساتنا وأوطاننا وكان يؤمن أن التحرير فريضة ما دامت الأراضي اللبنانية والعربية تحت الاحتلال، لأن كل أرض محتلة جرح في جسد الأمة، وكل تخلٍّ عنها تفريط بالحق والسيادة.

حمل طرابلس في قلبه ووهبها عمره، مؤمنًا بدورها الوطني والعربي، وبأحقيّة إنمائها، وبتصدّر أبنائها المراكز القيادية في مؤسسات الدولة اللبنانية.
لم يساوم يومًا على وحدة لبنان، ولا على كرامة القرار الوطني، وكان نقيض الميليشيات الطائفية الغادرة التي تغذت من دم الأبرياء، وارتبطت مشاريعها بالتقسيم وسرقة مقدرات البلاد والعباد.

وبحكمة صادقة في الحفاظ على لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، توصّل بعد حوار مع الرئيس كميل شمعون إلى اتفاق تاريخي كان من شأنه إنهاء الحرب الأهلية، وقطع الطريق على الميليشيات وأجندات التفتيت، لكن مشروع الدولة لم يُرضِ من اعتادوا الاستثمار في الفتنة، إرضاءً لمشاريع خارجية وأطماع داخلية، فكان الرد عبوة غادرة استهدفت طوافة الجيش اللبناني التي تقله، واغتالت رئيس حكومة لبنان وهو في طريقه لتوقيع الاتفاق، في ضربة خائنة لإجهاض مسار الإنقاذ وإبقاء الوطن رهينة الفوضى.

في ذكراك يا عمي وقائدي، نُجدّد العهد لروحك الخالدة بأن نظل حراسًا أوفياء لوحدة لا تنكسر، وسيادة واستقلال لا تُمس، وانتماء عربي ثابت لا يتراجع.

علّمتنا مسيرتك، التي تمثل استمرارًا صادقًا لمسيرة عبدالحميد كرامي، أن القيادة الحقيقية ليست منصبًا يُشغل، بل دم يُبذل، وأن حب الوطن لا يقتصر على حفظ الأرض، بل هو دفاع مستمر عن الشرف والكرامة.

وللقاتل المُدان من أعلى سلطة قضائية في لبنان، والذي أُفرج عنه بعفو عن مدة الحكم لا عن الجريمة، نقول:
لن ننسى ولن نسامح. وإن تعثرت عدالة الأرض في متاهات التسويات، فإن عدالة السماء آتية لا ريب فيها، لتقتصّ من كل ظالم وخائن.