جاري التحميل الآن
×

أخطاء شائعة تتعلق بالترويج للزواج اللاديني وطرحه “اختياريا “في لبنان

أخطاء شائعة تتعلق بالترويج للزواج اللاديني وطرحه “اختياريا “في لبنان

إضاءات سريعة على أخطاء شائعة تتعلق بالترويج للزواج اللاديني وطرحه “اختياريا “في لبنان ، إبان الانتخابات النيابية ، رغم كل الكوارث المعيشية
بقلم
الأستاذ الدكتور
رأفت محمد رشيد الميقاتي

لقراءة وتحميل كتاب: المؤتمر الإسلامي الأول للشريعة والقانون، إضغط على الرابط التالي:


https://drive.google.com/file/d/1o_menJD0Uahck2UO0FxdDOz-XrF193O5/view?usp=drivesdk


لقراءة وتحميل كتاب: التحديات العلمانية/توصيات ومقررات المؤتمر الإسلامي للشريعة والقانون، إضغط على الرابط التالي:


https://drive.google.com/file/d/1ouXyp2Bh7X5pZhb_U_IsjEjo2CJaxZpj/view?usp=drivesdk

بداية، ومن حيث الشكل ، أما وقد طُرحت هذه المسألة القديمة الجديدة عشية الانتخابات النيابية رغم كل الكوارث المعيشية في البلد ، وربما انسياقا وراء مقولة التغيير في كل شيء ، فإن مسؤولية فتحها يتحملها من بادر إلى ذلك ، ولا يتحملها طبعا من أظهر الحق بشأنها للرأي العام.

ومن حيث الأساس، فلا بد من تحديد الميزان الذي نحتكم إليه في هذه المسألة على وجه الخصوص ، فالمسلم والمؤمن الحق يحتكم إلى وحي من أسلم وجهه إليه ، ولو احتكمنا إلى القرآن الكريم فإن الله تعالى يقول : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )ويقول ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخِيَرَةُ من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) وبذلك ، فإنه مع الإيمان لا وجود لخيار بين أمر الله من جهة وبين أية بدائل تشريعية أخرى، خاصة إذا كانت هذه البدائل مصانة ومحصنة في النظام التشريعي الوضعي .

ولو عدنا إلى الدستور اللبناني الذي جرت انتخابات النواب للعمل تحت سقفه، فإنه ينص في المادة التاسعة منه على كفالة الدولة للأهلين على مختلف مللهم ضمان أنظمتهم في الأحوال الشخصية ، وبالتالي ، فإن كل ما يتعلق بالأحوال الشخصية للمسلمين السنة مثلا أو الشيعة مثلا يخضع للنظام الديني المعتمد لدى كل طائفة بحسب الطائفة التي ينتمي إليها المواطن ، وبالتالي لا مجال للحديث أصلا عن مغالطة تقول انه طالما نحن في دولة غير دينية فإننا لا نحتكم في أمورنا إلى ما ينص عليه الدين ، لأن الدستور نفسه كفل للدين احترام أنظمته في مجال الأحوال الشخصية .

ثم إن هناك مسألة تتعلق بالنظام العام ، فلكل دولة نظامها العام ، ففي فرنسا مثلا وهي تعتبر نفسها أم الحريات ، فإنها تمنع أي زواج يختلف عن الزواج اللاديني المعتمد لديها سواء كان كنسيا أو إسلاميا*، وبالمقابل فإن نظامنا العام يمنع وجود نظامين اثنين للزواج في لبنان لمن ينتمي إلى طائفة معينة، فعلام الإنكار والتعجب !!

ثم إنه لا يوجد شيء أصلا اسمه قانون اختياري ، فلا تستطيع أنت أن تمشي بسيارتك عند الإشارة الحمراء والمواطن الآخر على الخضراء وآخر على البرتقالي !!!بزعم أن قانون السير اختياري.

ثم إذا تمّ التشبث بوجود فكرة اسمها قانون اختياري ، فالمسلمون يريدون قانون عقوبات اختياري وقانون تملك عقاري اختياري للأجانب كالفلسطينيين مثلا، وهكذا ، وهذا ما لا يجرؤ على طرحه أحد فضلا عن أن يقبله.

ثم إن مسألة كون الزواج المدني “اختياريا” هي خطوة نحو هدف ، فهناك جهات وتيارات معروفة تنادي بصراحة بقانون أحوال شخصية موحد لكل اللبنانيين ، فهل نصنع لهم سُلّما للوصول إلى إرهابهم التشريعي ، وخرقهم الدستور !!!

أما الاستناد الخاطىء إلى آية (لا إكراه في الدين) فهو مردود ، فهذه الآية تخص غير المسلمين ، فلا نكرههم على الدين ، أما المسلم الحق فلا يتمرد على أمر خالقه ثم يزعم أنه لا إكراه في الدين الذي يعتنقه ، فهذه مردودة عليه أيضا ، وإلا فليختر دينا غير الإسلام، فماذا يبقى بعد تحليل الحرام وتحريم الحلال في الزواج المسمى بالمدني!!! ( كزواج المسلمة من غير المسلم ، وزواج المسلم من ملحدة أو وثنية ، وإهدار أحكام المحرمات من الرضاع فيتزوج الرجل أمه بالرضاع وكذا أخته بالرضاع، وخرق سبعين آية في كتاب الله تعالى تتعلق بنظام الأسرة ، ومئات الأحاديث النبوية الشريفة ، وإهدار حقوق المرأة في المهر والنفقة، حيث لا مهر لها ولا نفقة عليه حصرا، وإقحام المرأة في نظام الهجر بين الزوجين وهو نظام يشجع الزوجين على الزنى …إلى عشرات النقاط الكارثية التي لا يدركها كثير من المنساقين وراء بهارج الزواج المدني .. ونتساءل فقط ماذا يعرفون عن كوارث الطلاق المدني ؟!وآلياته والسنوات التي يستغرقها صدوره !!!ومدد الطعن فيه!!!أهذا ما تدعون الناس إليه !!!

ومن الضروري التنبه إلى أن مسألة الزواج اللاديني المسمى بالمدني هي في الأصل مطلب مُلحٌّ لدى شريحة من غير المسلمين من النصارى جراء اعتبار الزواج سرّا من أسرار الكنيسة السبعة وتقييدات القوانين الكنسية بالدرجة الأولى وخاصة لجهة منع الطلاق أصلا أو تقييده بحسب مذاهبهم وإخضاعهم لنظام الهجر ..إلخ ، ثم مطلب شريحة من الدروز جراء تقييدات نظامهم في الأحوال الشخصية ، وبالتالي لا علاقة للمسلمين بأزمة أولئك مع أنظمتهم التي وضعها بشر ولم ينزلها الله ، أما المسلمون فإن الحلال عندهم بيّن وإن الحرام بيّن ولا اعتراض لديهم على وحي الله طالما أنهم مسلمون ، ولذلك فإن قيام بعض الجهات العلمانية بطرح الزواج اللاديني الاختياري كمطلب جماعي هو نوع من خلط الحابل بالنابل وطلبٌ مفخخ ينبغي التنبه إليه قبل أن تنزلق الأجيال إلى المزيد من الإعراض عن وحي الله.

وفي الختام ، من أراد التوسع في البحث فإننا نحيله إلى ما أعدنا نشره بالأمس وهو أهم كتاب صدر في لبنان عن الزواج المدني والتحديات العلمانية وهو كتاب المؤتمر الإسلامي الأول للشريعة والقانون عام ١٩٩٨ والمنعقد في جامعة طرابلس بمجمع الإصلاح الإسلامي ، وذلك في قلب معركة محاولة تشريع الزواج المدني الاختياري في عهد الرئيس الياس الهراوي ويتضمن مجموعة أبحاث قيّمة وردود مُفحمة لكبار الشخصيات الفقهية والقانونية في لبنان والتي دعاها رئيس مجلس أمناء جامعة طرابلس سماحة العالم الرباني المحامي الشيخ محمد رشيد الميقاتي رحمه الله ، ليكونوا صفّا واحدا في تلك المواجهة الفكرية الساخنة بالدليل والبرهان والحُجة والبيان ، وهذا ما كان بحمد الله.

Share this content:

إرسال التعليق